نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء الخامس والثمانون ( فريضة صلاة الجمعة )

نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء الخامس والثمانون ( فريضة صلاة الجمعة )
533 0

الوصف

 النداء الخامس والثمانون

  فريضة صلاة الجمعة  

قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الجمعة: 9-10). 

  * موضوع الآيات: 

فرضية صلاة الجمعة وإباحة العمل بعدها. 

*  معاني الكلمات:

 (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ): أي إذا أَذَّنَ المؤذن لها عند جلوس الإمام على المنبر. 

 (مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ): أي في يوم الجمعة، وسُمِّيَ جمعة لاجتماع الناس فيه. 

 (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ): أي امشوا وامضوا إلى ذكر الله وهو الصلاة. 

 (وَذَرُوا الْبَيْعَ): أي اتركوه. 

 (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ): أي السعي إلى ذكر الله خير لكم، فإن نفع الآخرة خير وأبقى. 

 (إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ): الخير والشر الحقيقيين. 

 (قُضِيَتِ الصَّلاَةُ): أديت وفرغ منها. 

 (فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ): أي فتفرقوا. 

 (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ): اطلبوا الرزق من الله تعالى بالسعي والعمل. 

 (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا): أي اذكروه في مجامعكم ومجالسكم ذكرًا كثيرًا. 

 (لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ): تفوزون بخير الدارين، فتنجون من النار، وتدخلون الجنة. 

  * المناسبة:

بعد أن بين الله تعالى أن اليهود يفرون من الموت حُبًّا في الدنيا وطيباتها، أراد تعالى أن يربي المؤمنين ويوجههم للعمل في الدنيا، ولما ينفع أيضا في الآخرة، وهو حضور الجمعة؛ لأن الدنيا ومتاعها فانية، والآخرة وما فيها باقية، قال تعالى ( وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (الأعلى: 17). 

*  المعنى الإجمالي:

أيها العبد المؤمن اقرأ واستمع فإن الله تعالى ينادي عباده المؤمنين بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمنين أحياء بإيمانهم يسمعون النداء ويجيبون من ناداهم لكمال حياتهم. وها هو ذا سبحانه وتعالى نادى عباده المؤمنين من هذه الأمة المسلمة له وجوهها وقلوبها فيقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بي وبرسولي وبلقائي وما عندي لأوليائي، وما لدي لأعدائي (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ) أي إذا أذن المؤذن قائلا: حي على الصلاة، وذلك من يوم الجمعة وهو اليوم الفاضل التي فازت به أمة الإسلام وحرمه اليهود لعنادهم وحرمه النصارى لجهلهم وضلالهم، إذ هو أفضل الأيام، فيه خلق الله آدم وأدخله الجنة وأخرجه منها، وفيه تقوم الساعة. وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي ويسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ويقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة (بعيرا)، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام أي ليرقى المنبر ويخطب الناس حضرت الملائكة يستمعون الذكر". 

وقوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) أي امشوا إلى أداء صلاة الجمعة بعد سماع الخطبة. وهذا المشي يسبقه أمور منها الغسل، ولبس الثياب الجديدة أو النظيفة الخاصة بها، ومنها مس الطيب، ومنها السواك. وهذا الإمام أحمد –رحمه الله – يروي في مسنده الحديث التالي. يقول صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله، إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع ما بدا له، ولم يؤذ أحدا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى". 

وروى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر قال: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته". 

وقوله تعالى: (وَذَرُوا الْبَيْعَ) أي اتركوا البيع والشراء، إذ لفظ البيع يطلق على الشراء. ولهذا يحرم أي عقد يتم والإمام على المنبر يوم الجمعة. كما يحرم أي عمل كتجارة أو حياكة أو صناعة أو زراعة. أو طهي طعام وما إلى ذلك من سائر الأعمال. وقوله تعالى: (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي إن ترك الأعمال من بيع وشراء وغيرها من سائر الأعمال والذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة بعد سماع الخطبة خير ثوابا وخير عاقبة في الدنيا والآخرة. 

وقوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ) أي أديت وفرغ منها (فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ) أي لقضاء حوائجكم كالبيع والشراء وسائر الأعمال المأذون فيها من المباحات وقوله: ( وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) أي اطلبوا ما تحتاجون إليه من أمور دنياكم ومعاشكم فقد أذن الله تعالى لكم فيه بعد أن منعكم منه عند سماع النداء والإمام على المنبر وقال: (مِنْ فَضْلِ اللهِ) إذ كل رزق يحصل عليه العبد هو من عطاء الله وفضله، وما للعبد إلا إتيان الأسباب الموضوعة لذلك، فلذا لا يطلب المحرم سواء كان طعاما أو شرابا أو لباسا أو غيرها، إذ ذاك لم يأذن الله فيه فهو ليس من فضله تعالى، وقوله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا) أي أثناء تفرقكم وانتشاركم في أعمالكم طلبا لفضل الله تعالى في هذه الحال اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم ولا تنسوه، واذكروه ذكرا كثيرا، وقوله تعالى: (لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي اذكروا الله كثيرا رجاء أن تفلحوا في سعيكم وعملكم وتعودون بحاجاتكم بعد السعي والطلب؛ لأن في ذكر الله العون الكبير والوقاية العظمى من الخيبة والخسران، وفلاح المؤمن لا يقصر على الدنيا بل هو في الدنيا والآخرة، وفلاح الآخرة معناه الفوز بالجنة بعد النجاة من النار. 

  فضل يوم الجمعة

فهو أفضل أيام الدنيا، ففيه خلق آدم، وأدخله الجنة وأخرجه منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلي ويسأل الله شيئًا إلا أعطاه الله إياه. ويقول في فضله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام –أي ليرقى المنبر ويخطب االناس –حضرت الملائكة يستمعون الذكر"   

ومن خصائص الجمعة غير التبكير: الغسل، ولبس الثياب النظيفة أو الجديدة ومس الطيب، والسواك. 

روى الإمام أحمد في مسنده: قوله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فيركع ما بدا له، ولم يؤذ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينهما وبين الجمعة الأخرى". 

وروى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثَوْبَيْ مِهْنَتِه"   

  *  ما يستفاد من الآيات:

1- وجوب صلاة الجمعة، ولا يسقط هذا الواجب إلا على المرأة والعبد والمريض المسافر. 

2- حرمة البيع والشراء وسائر الأعمال إذا جلس الإمام على المنبر، وشرع المؤذن يؤذن الأذان الأخير. 

3- وجوب مراقبة الله تعالى في أعمال الدنيا، حتى لا يطغى حبها بجمع حطامها بأي الوسائل من حلال وحرام. 

4- في مراقبة الله سبحانه الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة. 

5- فضل يوم الجمعة الذي فازت به أمة الإسلام وحرمه اليهود لعنادهم، وحرمة النصارى لجهلهم وضلالهم.