نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء السادس والسبعون (أدب المجالس)

نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء السادس والسبعون (أدب المجالس)
479 0

الوصف

النداء السادس والسبعون

 أدب المجالس  

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  (المجادلة: 11). 

  * موضوع الآيات: 

أدب المجالس في الإسلام. 

*  معاني الكلمات:

 ( تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ): أي توسعوا في المجالس، التي هي مجالس علم وذكر. 

 ( فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ): يوسع الله لكم في رحمته – من المكان والرزق والصدر والجنة وغيرها. 

 ( انْشُزُوا فَانْشُزُوا): انهضوا للتوسعة على القادمين، أي قوموا للصلاة أو غيرها من أعمال البر. 

 ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ): أي يعلي منزلتهم بالنصر وحسن السمعة في الدنيا والإيواء في غرف الجنان في الآخرة. 

 ( وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ): أي ويرفع الذين أوتوا العلم درجات عالية، لجمعهم بين العلم والعمل. 

 ( وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ): أي عالم مطلع على جميع أعمالكم، وهو تهديد لمن لم يمتثل الأمر. 

  * سبب النزول:

أخرج ابن جرير الطبري عن قتادة قال: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلًا ضنوا بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ) ... الآية. 

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل: أنها نزلت يوم الجمعة، وقد جاء ناس من أهل بدر وفي المكان الضيق، فلم يفسح لهم، فقاموا على أرجلهم، فأقام صلى الله عليه وسلم نفرًا بعدتهم، وأجلسهم مكانهم، فكره أولئك النفر ذلك فنزلت. 

  * المناسبة:

بعد أن نهى الله تعالى المؤمنين عن التناجي سرًّا في المجتمعات، والتناجي بالإثم والعدوان، لكونه سبب التباغض والتنافر، أمرهم تالى بما يكون سببًا لزيادة المحبة والمودة من التوسع من المجالس، والانصراف عنها عند الطلب لمصلحة ما، ثم أخبر عن رفع منازل المؤمنين والعلماء درجات في الجنان وفي الدنيا. 

*  المعنى الإجمالي:

هذا النداء الإلهي في تربية المؤمنين وتهذيبهم، ليكملوا ويسعدوا في الدارين، فها هو ذا تعالى يناديهم بقوله الكريم الرحيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي يا من آمنتم بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا فأصبحتم أحياء كاملين ذوي قدرة على السمع والطاعة (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ) أي إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مربيكم ومعلمكم ومهذبكم أخلاقا وآدابا، أو غيره من مربيكم ومعلميكم ومهذبيكم من علمائكم وولاة أموركم، إذا قال لكم تفسحوا في المجلس، أي توسعوا ليجد غيركم مكانا بينكم فتوسعوا، ولا تبخلوا بالقرب من الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من العالم المربي، أو المذكر الذي يذكركم وعظا لكم وتذكيرا بما ينفعكم في دنياكم وأخراكم، واعلموا أنكم إذا تفسحتم أو توسعتم عندما طلب منكم ذلك فإن الله تعالى يكافئكم فيوسع عليكم في الدنيا بسعة الرزق، وفي البرزخ في القبر، وفي الآخرة بغرفات الجنان، إذ بهذا وعدكم الله ربكم بقوله: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) هذا أمر ووعد من الله تعالى فاغتنموه أيها المؤمنون الصادقون. ولا يفوتن الظن والبخل بالمجلس القريب من الرسول صلى الله عليه وسلم والعالم أو الوالي عليكم ما وعدكم الله تعالى به من التوسعة في الرزق والقبر والجنة دار السلام. 

وقوله تعالى في هذا النداء: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) فهو أمر ووعد أيضا. ومن امتثل الأمر فاز بالوعد الإلهي الكريم. أما الأمر فهو (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) ومعناه: إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم أيام حياته، أو قال من دونه بعد وفاته من عالم مرب أو واعظ مذكر أو أمير حافظ للأمن والطهر للمؤمنين، إذ قال لك انشز، أي ارتفع من مكانك أي قم منه ليجلس مؤمن لحاجة تدعو إلى جلوسه لما في ذلك من مصلحة الدعوة الإسلامية، أو قال: قم للصلاة، أو للجهاد، أو لفعل بر وخير، فقم لأمر الله تعالى بذلك، إذ قال لنا: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) أي ارتفعوا وقوموا هذا أمر الله جل جلاله. وأما وعده الكريم فهو قوله: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) أي درجات بالنصر والذكر الحسن في الدنيا، وفي غرف الجنة في الآخرة. ويرفع الذين أوتوا العلم منكم أيها المؤمنون درجات عالية لجمعهم بين الإيمان والعلم والعمل. ومما يدل على أن رفع الذين أوتوا العلم درجات لعلمهم وعملهم بعد إيمانهم قول عمر –رضي الله عنه- في القصة الآتية وهي أن عمر –رضي الله عنه – قد استخلف على مكة نافع بن عبد الحارث، فلقيه يوما بعسفان فقال له: من استخلفت على أهل الوادي؟ (أي مكة) قال: استخلفت عليهم ابن أبزى رجل من موالينا، فقال عمر: استخلفت عليهم مولى؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنه قارئ لكتاب الله تعالى عالم بالفرائض قاص. أي محدث واعظ. فقال عمر –رضي الله عنه: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" رواه مسلم. هذا ولنعلم أن القيام من المجلس بدون حاجة كما تقدم لا يجوز كما لا يجوز، أن يقيم الرجل الرجل من مجلسه ليجلس فيه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا" وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم". ولنعلم أنه يجوز للمؤمن باختياره وبدون إكراه أن يقوم لذي علم أو كبر سن ويجلسه في مجلسه ولا حرج على الاثنين. كما أن الأمي إذا كان وراء الإمام في الصلاة وجاء ذو علم ونهى فإن على الأمي أن يتأخر ويقوم العالم مقامه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى". ثم الذين يونهم ثم الذين يلونهم. 

وقوله تعالى في ختام النداء: (وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) إنه يذكرهم بعلمه بهم في جميع أحوالهم ليراقبوه، فيلزموا طاعته وطاعة رسوله، ويحافظوا على تقواه، ليحفظوا ولايته تعالى لهم، فيأمنوا من الخوف والحزن في الدارين. حقق الله تعالى لنا ذلك آمين. 

  آراء الفقهاء في وقوف شخص لآخر

وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال:

1- فمنهم من رخص في ذلك محتجًّا بحديث أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم: "قوموا إلى سيدكم" وهو سعد بن معاذ، حينما استقدمه النبي صلى الله عليه وسلم حاكمًا في بني قريظة. 

2- ومنهم من منع ذلك محتجًّا بحديث أحمد وأبي داود والترمذي عن معاوية بن أبي سفيان: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار". 

3- ومنهم من فصل فقال: يجوز عند القدوم من سفر وللحاكم في محل ولايته، كما دلت عليه قصة سعد بن معاذ المتقدمة، ليكون أنفذب لحكمه. فأما اتخاذ عادة فإنه من شعار العجم، وقد جاء في السنن: أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا جاء لا يقومون له، لما يعملون من كرهته لذلك. 

6- لا يجوز أن يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ليجلس فيه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا"  وقال صلى الله عليه وسلم  "لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه فيجلس فيه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم".  

7- يجوز للمسلم باختياره وبدون إكراه أن يقوم لذي علم أو كبر سن، ويجلسه في مجلسه، ولا حرج على الاثنين. 

  من وحي الآية: آداب نبوية يجب أن يتزيّن بها المؤمن

يشتمل الإسلام على عقائد، إن صحت صحّ العمل. وفي الإسلام عبادات: بعضها شعائري وبعضها تعاملي، وفي الإسلام معاملات، وأحكام كالزواج والطلاق، والقرض، والحوالة، والكفالة، وما إلى ذلك. 

وتشغل الآداب حيزًا كبيرًا جدًّا في الإسلام، ومنها: آداب للطعام، وآداب للجلوس، وآداب في الطريق، وآداب في استقبال الضيف وتوديعه، وآداب في الزواج، وآداب في السفر والحضر، وآداب في الحج والعمرة. والمؤمن في أدب في جلسته، ومشيه، وارتداء ثيابه. 

وقدوتنا في ذلك أدب النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"،  فقد كان صلى الله عليه وسلم جمّ التواضع، يتعامل مع أصحابه كأنه واحد منهم. دخل عليه أعرابي، قال: أيكم محمد؟ فلماذا سأل البدوي؟ سأل لأنه لم يستطع التفريق بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلم يكن له صلى الله عليه وسلم مزية عليهم، كان واحدًا من أصحابه، وإذا دخل بيته كان واحدًا من أهله، وكان يقول: "فإنهن المؤنسات الغاليات"  (رواه الحاكم والطبراني بسند ضعيف). 

ومن أدب النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما سحب يده ممن يصافحه، ويكون آخر من يسحب يده إذا صافح، فيما هناك إنسان يصافح آخر بثلاثة أصابع، والمؤمن يشد على يدك بكل يده قائلًا: أهلًا وسهلًا، بسلام حار في أدب. وإذا تصدق وضع الصدقة بيديه في يد المسكين مباشرة، جبرًا لخاطره. 

وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ الناس بالسلام، وينصرف بكله إلى محدثه، صغيرًا كان أم كبيرًا، ويصغي إليه بكل انتباه واهتمام، فيما أحيانًا تجلس مع إنسان، فيتشاغل عنك بقراءة جريدة. 

كان صلى الله عليه وسلم يجلس حيث ينتهي به المجلس. في إحدى المعارك كان الرسول هو قائد الجيش وزعيم الأمة، يقود ألف صحابي تحملهم ثلاث مائة راحلة، فقال صلى الله عليه وسلم: كل ثلاثة على راحلة، وأنا وَعَلِيّ وأبو لُبَابَة على راحلة، لقد ساوى نفسه مع أقل جندي، وركب الناقة، ولما جاء دوره في المشي توسل صاحباه أن يبقى راكبًا، فقال: ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر. 

ولم يُرَ الرسول صلى الله عليه وسلم مادًّا رجليه قط، أدبًا مع أصحابه، فيما أحيانًا يجلس إنسان، ويباعد بين رجليه في منظر مزعج، أو يضع رجلًا على رجل استعلاءً على الآخرين. ولم يكن يأنف صلى الله عليه وسلم من عمل لقضاء حاجته، أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته بنفسه، ويقول: أنا أولى بحملها.  "برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله، وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده"،  وقال صلى الله عليه وسلم: "برئ من الشح من أدى زكاة ماله"  (أخرجه الطبراني) وكان يجيب دعوة الحر والعبد ويقبل عذر المعتذر، قال صلى الله عليه وسلم: "ولو دعيت إلى كراع لأجبت"  (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان) والكراع: أيدي الأنعام، وتحتوي على قليل من اللحم. 

وفي بيته كان صلى الله عليه وسلم يرثو ثوبه بيده ويخسف نعله، ويخدم نفسه ويعقل بعيره ويكنس داره. وكان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم ويقضي حاجة الضعيف والبائس. وكان يمشي هونًا خافض الطرف، ولا ينطق من غير حاجة، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم. بكلام بسيط قليل هادئ عميق. وكان صلى الله عليه وسلم لطيفًا، وعنده حياء، ودقة ملاحظة، وذوق، فيما يطلق أحيانًا صاحب مركبة بوق سيارته عند الساعة الثانية عشرة ليلًا، لينادي صديقه، فيوقظ عشرين بيتًا لكي لا يصعد عشر درجات، فأين الذوق؟ وكان صلى الله عليه وسلم لا يهين أحدًا، وطليق الوجه، دمثًا، وليس بالجاف. كان يحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوي بِشْرَهُ عن أحد. وكان يعظم النعم وإن دقَّت، ولا يذم منها شيئًا، فأن تشرب كأس ماء فانت بنعمة، فيما الذي يعاني فشلًا كلويًا لا يستطيع أن يشرب كأس ماء، لأنه يحتبس في جسمه. ومن النعم أن تدخل إلى بيت معك مفتاحه تؤوي إليه، وأن تأكل ما تشتهي بلا مشكلات صحية. فعلى كل من يرى وجهه في المرآة صباحًا ألا ينسى فضل الله عليه، ويقول كما كان يقول صلى الله عليه وسلم: "اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي"  (الجامع الصغير بسند صحيح عن ابن مسعود). ولم تكن الدنيا تغضب رسول الله، وما ندم صلى الله عليه وسلم على شيء فاته من الدنيا قط، لأن الدنيا لا تغضبه، ما دام هناك موت ينهي، قوة القوي وضعف الضعيف، وغنى الغني وفقر الفقير، ووسامة الوسيم ودمامة الدميم. 

وكان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه أبدًا، ولا ينتصر لها؛ إذ كان يغضب لله وينتصر للحق. فإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، فرحه في أدب وغضبه في أدب. 

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤلف ولا يفرق، يقرّب ولا ينفّر، يكرم كريم كلِّ قوم ويولّيه عليهم، ويتفقد أصحابه، وعلينا في ذلك الاقتداء بالرسول الكريم؛ لأن التفقد بما تيسر سواء بالزيارة أو الرسائل. 

كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن أحوال الناس، ويسأل الناس عما فيهم، ويحسِّن الحسن ويصوبه، ويقبِّح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه، وهذه بطولة قيادة. وأي إنسان كان يصيح بالنبي الكريم يظن أنه أقرب الناس إليه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول. وكان دائم البِشْرِ، طلق الوجه مبتسمًا، ومتفائلًا، دائم الشعور بأن الله بيده كل شيء، وكان صلى الله عليه وسلم لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخّاب ولا فحّاش، وليس بعياب، ولا يرفع صوته، ولا يمزح مزحًا منحرفًا، ولا يقول في كل شيء عيب، وكان صلى الله عليه وسلم يتغافل عما يشتهي، ولا يخيب فيه مؤمِّله، وكان لا يذم أحدًا ولا يعيِّره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجى. 

إن الحديث عن شمائله صلى الله عليه وسلم يحتاج مجلدات، وخطب في سنوات، ولكن الله جل جلاله لخصها بكلمات، فقال: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (4)  (القلم: 4)، والإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك بالإيمان. إنّ الآداب ربع الإسلام. 

*  ما يستفاد من الآية:

1- الندب إلى فضيلة التوسع في مجالس العلم والتذكير. 

2- الندب والترغيب بالمعروف وأداء الواجبات إذا دعي المؤمن إلى ذلك. 

3- فضيلة الإيمان وفضل العلم والعمل به، وأن زينته وثمرته التأدب بآدابه والعمل بمقتضاه. 

4- أن للتوسع في المجالس ثوابا، لقوله تعالى: ( يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) أي يوسع عليكم في الدنيا والآخرة. 

5- أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتنافسون في القرب من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع حديثه لما فيه من الخير العميم والفضل العظيم، قال صلى الله عليه وسلم  "ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى"  .