نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء السابع والخمسون (النهي عن اتباع خطوات الشيطان)

نداءات الرحمن  لأهل الإيمان  _النداء السابع والخمسون    (النهي عن اتباع خطوات الشيطان)
442 0

الوصف

النداء السابع والخمسون 
النهي عن اتباع خطوات الشيطان

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَيُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (النور: 21) 

  * موضوع الآية:

في النهي عن اتباع خطوات الشيطان  

في النهي عن اتباع خطوات الشيطان، وبيان حال المتبع لها، وامتنان الله تعالى على المؤمنين بوقايتهم من الشيطان. 

*  معاني الكلمات:

(خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ): أي طرق تزيينه ونزغاته ووساوسه بإشاعة الفاحشة. 

 (بِالْفَحْشَاءِ): أي القبيح المفرط في القبح. 

 (وَالْمُنْكَرِ): ما تنكره النفوس وتنفر منه، وينكره الشرع، وهو بيان لعلة النهي عن اتباعه. 

 (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ): بالتوفيق إلى التوبة الماحية للذنوب وشرح الحدود المكفرة لها. 

 (مَا زَكَا): ما طهر من دنس الذنوب. 

 (مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ): أيها العصبة بما قلتم من الإفك. 

 (أَبَدًا): آخر الدهر، أي ما طهر من هذا الذنب بالتوبة أحدًا مطلقًا. 

 (يُزَكِّي): أي يطهر من الذنب. 

 (مَن يَشَاءُ): بقبول توبته. 

 (وَاللهُ سَمِيعٌ): لمقالتهم. 

 (عَلِيمٌ): بنياتهم. 

*  مناسبة الآية لما قبلها:

لما ذكر تعالى حادثة الإفك في الآيات السابقة أتبعها بالتحذير من سلوك طريق الشيطان المتربص بالإنسان الذي يدعو إلى السوء والشر والفساد. 

*  المعنى الإجمالي:

اعلم أيها القارئ الكريم أن الله تعالى ما ينادي عباده المؤمنين به وبلقائه المصدقين بوعده ووعيده، الراغبين في فضله وإنعامه، الراجين رحمته وإحسانه، ما يناديهم إلا لما يعدهم لذلك ويقربهم منه، ويحققه لهم فها هو ذا (عز وجل) يناديهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لينهاهم عن اتباع خطوات الشيطان فيقول: (لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) فإنه عدو لكم فكيف تمشون وراءه وتتبعونه فيما يزين لكم من قبيح المعاصي، وسيئ الأقوال والأفعال، ويعلل لذلك النهي فيقول: (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) أي إن من يتبع خطوات الشيطان لا يلبث أن يصبح شيطانا يأمر بالفحشاء والمنكر، ألا ففاصلوا هذا العدو وقاطعوه، واتركوا المشي والجري وراءه فإنه لا يأمر بخير قط، إذا فاحذروا وساوسه وقاوموا نزغاته بالاستعاذة بالله السميع العليم فإنه لا ينجيكم منه إلا هو سبحانه وتعالى. فمن زين له سوءا أو قبح له حسنا، أو نزغه ليحركه فيجري وراء شهوة باطلة فليفزع إلى الله سبحانه وتعالى قائلا: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم"، وليواصل ذلك حتى يفر منه ويهرب من ساحته. كان هذا في بيان النهي عن اتباع خطوات الشيطان، وبيان حال المتبع له والعياذ بالله. 

أما ما تضمنه هذا النداء في امتنان الرب تبارك وتعالى على عباده المؤمنين بوقايتهم من الشيطان، وقد قال تعالى فيه بقوله الحق: (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا) أي إنه لولا فضل الله عليكم أيها المؤمنون الصادقون ورحمته بكم وحفظه لكم بدفع الشيطان عنكم، ما كان ليطهر منكم أحد، وذلك لضعف الإنسان واستعداده الفطري للاستجابة لعدوه وعدو أبيه من قبل، وهو الشيطان عليه لعائن الرحمن. 

إذا فعلى الذين شعروا بكمالهم، لأنهم نجوا مما وقع فيه غيرهم من الإثم أن يستغفروا لإخوانهم الذين تورطوا، وأن يقللوا من لومهم وعتابهم فإنه لولا فضله تعالى عليهم ورحمته بهم لوقعوا فيما وقع فيه إخوانهم. ألا فليحمدوا الله (عز وجل) الذي نجاهم مما وقع فيه إخوانهم. وليتطامنوا تواضعا لله وشكرا له. إذ هذه الآيات نزلت في حادثة الإفك التي تولى كبرها رئيس المنافقين ابن أبي عليه لعائن الله. 

وقوله تعالى: (وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وعليه فليلجأ إليه المؤمنون طالبين تزكية نفوسهم منه سبحانه وتعالى، إذ هو الذي يزكي من يشاء،إلا أنه حسب سنته في خلقه لا يزكي إلا من طلب ذلك منه، فمن طلب في صدق زكاة نفسه، فإن الله تعالى لا يُخيبه ويزكي نفسه، وما دام تعالى سميعا لأقوال عباده عليما بنياتهم وأفعالهم فليفزع إليه المؤمن الراغب في زكاة نفسه. فليذكره وليشكره بفعل الصالحات، والبعد عن الطالحات من الذنوب والآثام، وبذلك يصبح أهلا لزكاة نفسه فتزكوا نفسه وتطيب، والفضل لله والمنة له سبحانه وتعالى، إذ لولاه ما زكى ممن تورطوا في حادثة الإفك، وممن سلم منها ولم يشارك فيها من أولئك الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم، ومن عجيب أحداث الكون أن الروافض جلهم متورطون في تلك الفتنة إلى اليوم، إذ هم مصرون على اتهام أم المؤمنين بها، وقد برأها الله عز وجل في كتابه وبشرها بالجنة بقوله تعالى: (أُولَئِكَ مُبَرَّؤونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) مع العلم أن من يكذب الله (عز وجل) يكفر كفرا يخرجه من الإسلام فسبحان الله كيف يرضى المؤمن بالكفر، ولا لشيء سوى التقليد الأعمى لأئمته واتباع هواه... والعياذ بالله ؟! 

  نماذج من خطوات الشيطان ونزغاته ووساوسه:

الشيطان عدو لابن آدم وعدواته قديمة مع الأبوين – فهو الذي أخرج الأبوين من الجنة، وهو الذي طلب من الله أن ينظره إلى يوم الدين، وذلك لإغواء الإنسان، وذلك في قول الله سبحانه (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص: 79-85). 

ثم يقول: (فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 16-17)، وبعد ذلك تبرأ الشيطان من الناس، (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ) (إبراهيم: 22)، وقال تعالى: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (الحشر: 16-17)، والشيطان يسلك مسالك متعددة وطرقًا

متنوعة من أجل الدخول على الإنسان فيها، فيذهب عليه دينه أو بعض دينه، وحيث إن الصلاة من أقوى الروابط بين العبد وربه، فيدخل عليه فيها لعله يظفر بها أو شيء منها. عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي. فقال صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثًا" قال: ففعلت فأذهبه الله عني. 

فقد وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم الداء والدواء، والقرآن شفاء القلوب وهدى ونور، يهتدي به المؤمنون، ولما له من التأثير الكبير والأجر العظيم فيترصد الشيطان لابن آدم يسوس عليه، ويحاول صرفه عن تدبر معانيه والتفكر في وعده ووعيده. 

والاتعاظ بما فيه من الحكم، وقد أمر الله تعالى باستعمال ما يطرده ويبعده ألا وهو الاستعاذة منه، قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل: 98) وكذلك أصحاب الروضة. 

قال الشيخ ابن القيم رحمه الله في تهذيب مدارج السالكين: موضوعًا جامعًا لمحاولات الشيطان مع الإنسان ليظفر بأي شيء، حتى يخرج المسلم عن دينه تحت عنوان: الشيطان ملحاح بطيء اليأس: ذكر الشيخ رحمه الله أن الشيطان يتدرج مع الإنسان لقصد إضلاله وإهلاكه، يريد الظفر به في عقبة من سبع عقبات، بعضها أصعب من بعض، لا ينزل من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا عجز عن الظفر به فيها:

  العقبة الأولى:

عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه، وبصفات كماله وبما أخبرت به رسله عنه، فإنه إن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح، فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية وسلم معه نور الإيمان طلبه على:

  العقبة الثانية:

وهي عقبة البدعة إما باعتقاد الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين، التي لا يقبل الله منها شيئًا. والبدعتان في الغالب متلازمتان، قل أن تنفك إحداهما عن الأخرى، فإن قطع هذه العقبة، وخلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان طلبه علي:

  العقبة الثالثة:

وهي عقبة الكبائر، فإن ظفر به فيها زينها له، وحسنها في عينه، وسوف به، وفتح له باب الإرجاء. وقال له: الإيمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال السيئة والمعاصي، وهذا هو معنى الإرجاء الذي هو من شر البدع التي أفسدت الدين، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمة طالما أهلك بها الخلق، وهي قوله: "لا يضر مع التوحيد ذنب، كما لا ينفع مع الشرك حسنة" والظفر به في عقبة البدعة أحب إليه. لمناقضتها الدين، ودفعها لما بعث الله به رسوله. وصاحبها لا يتوب منها. ولا يرجع عنها. بل يدعو الخلق إليها، ولتضمنها القول على الله بلا علم. ومعاداة صريح السنة. ومعاداة أهلها، والاجتهاد على إطفاء نور السنة، وتولية من عزله الله ورسوله، وعزل من ولاه الله ورسوله، واعتبار ما رده الله ورسوله، ورد ما اعتبره، وموالاة من عاداه، ومعاداة من والاه، وإثبات ما نفاه، ونفي ما أثبته، وتكذيب الصادق، وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالباطل، وقلب الحقائق بجعل الحق باطلًا والباطل حقًا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملة، فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتى ينسلخ صاحبها من الدين، كما تنسل الشعرة من العجين، فمفاسد البدع لا تقف عليها إلا أرباب، البصائر، والعميان ضالون في ظلمة العمى: (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ) . 

فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه على:

  العقبة الرابعة:

وهي عقبة الصغائر، فيقول له: ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم، أو ما علمت بأنها تكفر باجتناب الكبائر وبالحسنات، ولا يزال يهون عليه أمرها حتى يصر عليها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالًا منه، فالإصرار على الذنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار ولا صغيرة منع الإصرار، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب" ثم ضرب لذلك مثلًا بقوم نزلوا بفلاة من الأرض فأعوزهم الحطب، فجعل هذا يجيء بعود، وهذا بعود، حتى جمعوا حطبا كثيرًا فأوقدوا نارًا، وأنضجوا خبزتهم، فكذلك فإن محقرات الذنوب تجتمع على العبد وهو يستهين بشأنها حتى تهلكه(1) ((صحيح رواه أحمد (5 31) والبغوي (4203) عن سهل بن سعد)) فإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ ودوام التوبة والاستغفار وأتبع السيئة الحسنة طلبه على:

  العقبة الخامسة:

وهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها، فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات وعن الاجتهاد في التزود لمعاده، ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السنين، ثم ممن ترك السنن إلى ترك الواجبات، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح، والمكاسب العظيمة، والمنازل العالية، ولو عرف السعر لما فوت على نفسه شيئا من القربات ولكنه جاهل بالسعر، فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها، وقلة المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرم المشتري، وقدر ما يعوض به التجار فبخل بأوقاته، وضن بأنفاسه أن تذهب في غير ريح، طلبه العدو على. 

  العقبة السادسة:

وهي عقبة الأعمال المرجوحة والمفضولة من الطاعات، فأمره بها، وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح، ليشغله بها عما هو أفضل منها، وأعظم كسبًا وربحًا؛ لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضي، عن الأرضى له. 

ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول. 

فإن نجا منها بفقه في الأعمال ومراتبها عند الله، ومنازلها، في الفضل ومعرفة مقاديرها والتمييز بين عاليها وسافلها ومفضولها وفاضلها الخ فإن في الأعمال والأقوال سيدًا ومسودًا الخ، كما في الحديث: "سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت". 

ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولي العلم السائرين على جادة التوفيق، قد أنزلوا الأعمال منازلها، وأعطوا كل ذي حق حقه. 

*  ما يستفاد من الآيات:

1- حرمة اتباع الشيطان فيما يزينه من الفحشاء والمنكر والباطل والسوء. 

2- متابعة الشيطان والجري وراءه في كل ما يدعو إليه يؤدي بالعبد إلى أن يصبح شيطانًا يأمر بالفحشاء والمنكر (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا) (البقرة: 268). 

3- على من حفظهم الله من الوقوع في السوء أن يتطامنوا ولا يشعروا بالكبر، فإن عصمتهم من الله تعالى لا من أنفسهم. 

4- الحث على التطهر من الذنوب والآثام والإقبال على التوبة بإخلاص.