كتاب المفردات في غريب القرآن -كتاب الدّال (درس - درك)
الوصف
كتاب الدّال
(درس - درك)
[درس]
دَرَسَ الدّار معناه: بقي أثرها، وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه، فلذلك فسّر الدُّرُوس بالانمحاء، وكذا دَرَسَ الكتابُ، ودَرَسْتُ العلم:
تناولت أثره بالحفظ، ولمّا كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبّر عن إدامة القراءة بالدّرس، قال تعالى: (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) [الأعراف/ ١٦٩] ، وقال: (بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) [آل عمران/ ٧٩] ،
(وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) [سبأ/ ٤٤] ، وقوله تعالى: (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) [الأنعام/ ١٠٥] ، وقرئ: دَارَسْتَ أي: جاريت أهل الكتاب، وقيل: (وَدَرَسُوا ما فِيهِ) [الأعراف/ ١٦٩] ، تركوا العمل به، من قولهم: دَرَسَ القومُ المكان، أي: أبلوا أثره، ودَرَسَتِ المرأةُ: كناية عن حاضت، ودَرَسَ البعيرُ: صار فيه أثر جرب.
[درك]
الدَّرْكُ كالدّرج، لكن الدّرج يقال اعتبارا بالصّعود، والدّرك اعتبارا بالحدور، ولهذا قيل: درجات الجنّة، ودَرَكَات النار، ولتصوّر الحدور في النار سمّيت هاوية،
وقال تعالى: (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النساء/ ١٤٥] ، والدّرك أقصى قعر البحر.
ويقال للحبل الذي يوصل به حبل آخر ليدرك الماء دَرَكٌ، ولما يلحق الإنسان من تبعة دَرَكٌ كالدّرك في البيع .
قال تعالى: (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه/ ٧٧] ، أي: تبعة. وأَدْرَكَ: بلغ أقصى الشيء، وأَدْرَكَ الصّبيّ: بلغ غاية الصّبا، وذلك حين البلوغ،
قال: (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ) [يونس/ ٩٠] ، وقوله: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) [الأنعام/ ١٠٣] ، فمنهم من حمل ذلك على البصر الذي هو الجارحة، ومنهم من حمله على البصيرة، وذكر أنه قد نبّه به على ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه في قوله: (يا من غاية معرفته القصور عن معرفته) إذ كان غاية معرفته تعالى أن تعرف الأشياء فتعلم أنه ليس بشيء منها، ولا بمثلها بل هو موجد كلّ ما أدركته. والتَّدَارُكُ في الإغاثة والنّعمة أكثر، نحو قوله تعالى: (لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [القلم/ ٤٩] ، وقوله: (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) [الأعراف/ ٣٨] ، أي: لحق كلّ بالآخر.
وقال: (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) [النمل/ ٦٦] ، أي: تدارك، فأدغمت التاء في الدال، وتوصّل إلى السكون بألف الوصل، وعلى ذلك قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها) [الأعراف/ ٣٨] ،
ونحوه: (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) [التوبة/ ٣٨] ، (واطَّيَّرْنا بِكَ) [النمل/ ٤٧] ، وقرئ: بل أدرك علمهم في الآخرة ، وقال الحسن: معناه جهلوا أمر الآخرة ، وحقيقته انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها.
وقيل معناه: بل يدرك علمهم ذلك في الآخرة، أي: إذا حصلوا في الآخرة، لأنّ ما يكون ظنونا في الدّنيا، فهو في الآخرة يقين.