نداءات الرحمن لأهل الإيمان - النداء الثالث عشر (في الأمر بتقوى الله والموت على الإسلام)

نداءات الرحمن لأهل الإيمان - النداء الثالث عشر (في الأمر بتقوى الله والموت على الإسلام)
468 0

الوصف

نداءات الرحمن لأهل الإيمان - النداء الثالث عشر (في الأمر بتقوى الله والموت على الإسلام)

النداء الثالث عشر

تقوى الله حق تقاته

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ" (آل عمران: 102).

سبب نزول الآية

قال مقاتل بن حيان: كان بين الأوس والخرزج عداوة في الجاهلية وقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهم، فافتخر بعده منهم رجلان، فغضبا وأنشدا الأشعار وتفاخرا، فجاء الأوس والخرزج ومعهم السلاح، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وروى البخاري عن مرة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حق تقاته، أن يطاع فلا يعصي، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر".

وقال ابن عباس: هو أن لا يعصى طرفة عين.

مناسبة الآية لما قبلها:

انتقل من تحذير المخاطبين من الانخداع لوساوس بعض أهل الكتاب إلى تحريضهم على تمام التقوى؛ لأن في ذلك صلاحا لهم ورسوخا لإيمانهم، وهو خطاب لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويسري إلى جميع من يكون بعدهم.

بين يدي الآية

ما أجمل تقوى الله!

أمر الله سبحانه وتعالى المؤمن بالتقوى، وأن يطيعه ولا يعصيه، وأن يشكره ولا يكفره، وأن يذكره ولا ينساه، ووردت التقوى في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثمئة موضع. وطاعة الله عز وجل واجبة على كل إنسان؛ لأن طاعة الله فيها اتقاء لشقاء الدنيا، والإحباط، والضياع، والوقوع في المصائب، وفي الآخرة العذاب الأبدي، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة: 21).

وعلى الإنسان أن يطيع الله عز وجل، ويتقي غضبه، وسخطه، فبيد الله ملكوت السماوات والأرض، وهو خالق كل شيء، قال تعالى: "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" (الزمر: 62).

ولأنه: "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" (هود: 123)، ولأنه إذا أراد شيئًا يقول: له: "كُن فَيَكُونُ" (يس: 82).

والله سبحانه وتعالى يملكنا جميعًا، وكلنا في قبضته، فهو يحيي ويميت، ويرفع ويخفض، ويعز ويذل، ويسعد ويشقي، ويعطي ويمنع؛ بيده الأمر جميعًا، قال تعالى: "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم" (الفتح: 10). إنه الله الذي لم يطلب من الإنسان أن يعبده إلا بعد أن طمأنه أن كل شيء بيده.

ولقد أهَّلنا الله عز وجل للعبادة، وعلينا أن نعبده ونتبع منهجه، فهذا الإله العظيم مالك كل شيء، بيده حياتنا، وسلامة أجهزتنا وأعضائنا، وهو معنا في كل حال، ويتصرف في شؤوننا بما فيه صلاحنا، وأنعم علينا نعمًا لا تُحصى، فهل هناك من يستحق أن يُعبد إلا الله؟ "أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ" (النحل: 52)، فقد يخضع الإنسان أحيانًا لقوي لأنه قوي فقط، ولكننا نعبد الله لأنه قوي ورحيم وكريم، وعادل ومحب، ورؤوف ولطيف، ولأنه أهل للعبادة: "هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ" (المدثر: 56).

ولكن كيف نتقي الله إن لم نعرفه؟ وكيف نتقي أن نعصيه إن لم نعرف ماذا مع المعصية؟ وكيف نطيعه ونصبر على طاعته، وعن معصيته إن لم نعلم ماذا ينتظرنا إذا كنا من أوليائه.

إن طريق معرفة الله هي التفكر في مخلوقاته، وآياته الكونية، والتكوينية: "إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ" (يونس: 6)، ونعرفه من خلقه، ونعرفه من كلامه: "قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (الزمر: 28).

ويعلّمنا الله بالوحي القرآن، وبالأنبياء، وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبالدعاة إلى الله عز وجل، وبالتربية المباشرة، وبالحالة النفسية، وبالمعالجة، وبالمصائب التي هي رسائل من الله عز وجل للإنسان؛ ليرجعه من خلالها إلى الطريق المستقيم، قال تعالى: "وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" (القصص: 47).

ومن أسباب التقوى عدم الكذب؛ إذ أن الصدق يهدي إلى التقوى، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" (الأحزاب: 70 – 71).

وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة: 119)، وأن تكون مع الصادقين هو أن تعيش في بيئة إيمانية، وجو إيماني، ومع أصدقاء مؤمنين، وأسرة متعاونة، وزملاء في العمل يخافون الله.

إنّ أخطر ما في حياة الإنسان أن يعيش في بيئة تناقض الإيمان؛ فتغريه وتضعف تقواه، فالإنسان إذا جلس بين التجار وسمع عن أرباحهم يتمنى أن يكون تاجرًا، وإذا جلس مع المنحرفين وحدثوه عن مغامراتهم فربما تغريه هذه القصص فيسقط معهم، فلذلك تعد البيئة من حصون التقوى. ويعد العمل الصالح وسيلة الإنسان للوصول إلى التقوى، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ" (المائدة: 35).

غير أنّ طريق الإيمان ليس طريقًا محفوفًا بالورود والرياحين، ففي الدرب أشواك، وقد حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، قال صلى الله عليه وسلم:

(أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْآخِرَةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ، وَإِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِشَهْوَةٍ)

(ضعيف عن عبد الله بن عباس)، لذلك فالإيمان نصفه صبر على المغريات وأهواء النفس، فالمالي يغري، والمرأة تفتن، والدنيا خضرة نضرة سُمُّهَا في دسمها، قال تعالى: "إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (يوسف: 90).

ولهذا يحثّ الله عزّ وجلّ المؤمنين على التقوى، قال تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (التغابن: 16)، ويحث على بذل كل الوقت والجهد لذلك. ومما يميز التعامل مع الله، أنك حينما تبدأ بخطوة نحو العمل، وجاءك الموت، فإنه عز وجل يكتب لك كل الخير، وكأنك وصلت إلى نهاية الطريق، قال تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا" (الطلاق: 5). في حين أنك إن لم تنجز عملًا للبشر، فإنهم لا يكافئونك بالأجر.

ومن فوائد التقوى أنّ الله ييسّر للتقي أموره، قال تعالى: "فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)" (الليل: 5 – 11)، وقال: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)" (الطلاق: 4)، ويجعل له مخرجًا من كل ضيق، قال تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا" (الطلاق: 2).

واعلم أيها المؤمن أنّ زوال الكون أهون على الله من أن تخلص في تقواك، وتعامله بصدق وإخلاص، وتستقيم على أمره، وتخطب وده، وتطيعه، ثم لا تجد النتائج الباهرة المدهشة.

ومن يتقِ الله في اختيار زوجته، إذ يختار ذات الدين بالدرجة الأولى، والجمال بعد ذلك يجعل الله له مخرجًا من الشقاء الزوجي. والذي يتقي الله في تربية أولاده، يجعل الله له مخرجًا من عقوقهم. والذي يتقي الله في كسب ماله يجعل الله له مخرجًا من تلف المال، ومصادرته. والذي يتقي الله في التوحيد يجعل الله له مخرجًا من الشرك.

والتقوى تعمل على اتصال نِعم الدنيا عند المؤمن بنعم الآخرة، وهذا من أروع ما في الإيمان، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ" (الحديد: 28) أي كفالة في الدنيا وكفالة في الآخرة وقال تعالى: "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ" (الرحمن: 46) جنة في الدنيا وجنة في الآخرة. والإنسان المؤمن حينما يتقي الله عز وجل ينال تكريمه، لذلك إذا كنت متقيًا لله فأنت أكرم الخلق، والدليل قوله تعالى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات: 13).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:

يا سعد لا يغرنَّك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعته.

فأكرم إنسان عند الله هو من يتقي معصيته، ففي شؤون الدنيا ثمة مناصب لن تصل إليها، وثروات لن تملكها، وعمر مديد قد لا تصل إليه. لكن الإنسان المؤمن حينما يتقي الله يصبح أكرم الناس عند الله، والتقي ينال حب الله له فيكرمه ويحبه، قال تعالى: "بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" (آل عمران: 76)، ويتولى الله أموره وييسرها، ويدافع عنه، قال تعالى: "وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ" (الجاثية: 19)، والله معه أينما كان، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا" (النحل: 128)، فهو معه بالتأييد، والحفظ، والنصر، والتمكين. والفلاح كل الفلاح، والنجاح كل النجاح، والفوز الفوز، والتفوق، والذكاء هو أن تتقي الله، قال تعالى: "وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (البقرة: 189).

وتقوى الله عز وجل أكبر أنواع الشكر له، فهو سخر لك ما في السماوات وما في الأرض جميعًا تسخير تكريم وتعريف، وتكريمه يكون بأن تشكره، قال تعالى: "مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ" (النساء: 147)، وإن اتقيت الله فهي نعمة الشكر له، ولا يأتينكم الموت إلا وأنتم على أحسن حال، أي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ" (آل عمران: 102).

المعنى الإجمالي

اعلم أيها المؤمن أن الأمر بالتقوى أمر به تعالى عباده المؤمنين في عشرات الآيات، وإنما قوله هنا حق تقاته. هذا الذي حير عقول العلماء، إذ ليس في قدرة العبد ذلك، إذ لو ذاب العبد وتحلل وتبخر من خشية الله تعالى ما كان ذلك وافيا بتقوى الجبار الذي يقول للشيء كن فيكون، والذي الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه. والذي يحيي ويميت ويعز ويذل وهو على كل شيء قدير.

وروى البخاري عن مرة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حق تقاته هي أن يُذكر تعالى فلا ينسى، وأن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُشكر فلا يُكفر"، وقال ابن عباس: هو أن لا يعصى طرفة عين.

والذي يخفف على المؤمن همه في تقوى الله حق تقاته هو قول الله تعالى في سورة التغابن: "فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" فهذه الآية كالمخصصة لعموم قوله تعالى في هذه الآية: "حَقَّ تُقَاتِهِ" والحمد لله.

ولنعلم أيها المؤمن أن العبد إذا حمل هم تقوى الله حق تقاته فأصبح يذكر ولا ينسى، ويشكر ولا يكفر، ويطيع لا يعصي، وذلك في أغلب أوقاته، وأكثر أحواله، فإنه بحمد الله تعالى يحقق المطلوب منه وهو أن يتقي الله حق تقاته في حدود طاقته البشرية وخوفه الإنساني.

واذكر أيها المؤمن أن تقوى الله (عز وجل) هي طاعته، وطاعة رسوله، بفعل الأوامر واجتناب النواهي في حدود الطاقة البشرية، إلا أن هذه الطاعة متوقفة على معرفة الأوامر وكيف تفعل، ومعرفة النواهي وبم تترك. وهنا يتعين طلب العلم وهو معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، معرفة تثمر حبه تعالى في القلب، وخشيته في النفس، ومعرفة أوامره ونواهيه، ومعرفة محابه ومكارهه، ليحب العبد ما يحب ربه، ويكره ما يكره، وبهذه التقوى تتحقق للعبد ولاية الرب (عز وجل)، ومتى ظفر العبد بهذا المطلب السامي، وهو ولاية الله تعالى فقد فاز بالسعادة في الدارين وتلك أمنية العاملين،وهدف الساعين، من المؤمنين.

كان هذا بيان تقوى الله حق تقاته، وأما بيان قوله تعالى: "وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ" فإن الله تعالى لما أمرنا بتقواه حق التقوى، نهانا أن نموت على غير الإسلام، كاليهودية، أو النصرانية، أو غيرهما من الأديان الباطلة، وهل يملك المرء أن يموت على الإسلام أو غير الإسلام؟ 

والجواب: أن على العبد أن يسلم قلبه ووجهه لله تعالى، فلا يتقلب قلبه إلا في طاعة الله وطلب مرضاته، ولا يوجه وجهه راغبا وراهبا إلا إلى الله (عز وجل)، ويستمر على ذلك، فإنه لا يموت إلا على تلك الحال وهي الإسلام، ومعنى هذا: أن الاستمرار على طاعة الله ورسوله مع العزم على الموت على الإسلام سيؤدي قطعا بالعبد إلى أن يموت مسلما وكيف وهو يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار، وذلك لما يوجده الإيمان الصحيح الذي يرضى صاحبه أن يقتل ويصلب ويحرق ويمزق ولا يرضى أن يكفر بعد إيمانه وطاعته لربه وحصوله على رضاه.

فاذكر هذا أيها المؤمن وواصل طريق تقواك لله، فإنك ضامن أن لا تموت إلا على الإسلام بمشيئة الرحمن جل جلاله، وعظم سلطانه.

روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه".

ما يستفاد من الآية:

1- وجوب تقوى الله بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى.

2- الحث على طاعة الله وذكره وشكره على نعمة الإسلام.

3- الحث على الاستقامة على دين الله حتى يموت الإنسان عليه؛ لأن الأعمال بالخواتيم.