كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حقب - حقف - حكم )

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حقب - حقف - حكم )

الوصف

                                                     كتاب الحاء 

                                               (حقب - حقف - حكم )

[حقب]

قوله تعالى: (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) [النبأ/ ٢٣] ، قيل: جمع الحُقُب، أي: الدهر.

قيل: والحِقْبَة ثمانون عاما، وجمعها حِقَب، والصحيح أنّ الحقبة مدّة من الزمان مبهمة، والاحتقاب: شدّ الحقيبة من خلف الراكب، وقيل: احتقبه واستحقبه، وحَقِبَ البعير: تعسّر عليه البول لوقوع حقبه في ثيله ، والأحقب: من حمر الوحش، وقيل: هو الدقيق الحقوين، وقيل: هو الأبيض الحقوين، والأنثى حقباء.

[حقف]

قوله تعالى: (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) [الأحقاف/ ٢١] ، جمع الحِقْف، أي: الرمل المائل، وظبي حاقف: ساكن للحقف، واحْقَوْقَفَ: مال حتى صار كحقف، قال: سماوة الهلال حتى احقوقفا

[حكم]

حَكَمَ أصله: منع منعا لإصلاح، ومنه سميت اللّجام: حَكَمَة الدابّة، فقيل: حكمته وحَكَمْتُ الدّابة: منعتها بالحكمة، وأَحْكَمْتُهَا: جعلت لها حكمة، وكذلك: حكمت السفيه وأحكمته، قال الشاعر: أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم وقوله: (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [السجدة/ ٧] ، (فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحج/ ٥٢] ، والحُكْم بالشيء: أن تقضي بأنّه كذا، أو ليس بكذا، سواء ألزمت ذلك غيره أو لم تلزمه، 

قال تعالى: (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء/ ٥٨] ، (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) [المائدة/ ٩٥] ، وقال: فاحكم كحكم فتاة الحيّ إذا نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثّمد والثّمد: الماء القليل، وقيل معناه: كن حكيما.

وقال عزّ وجلّ: (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة/ ٥٠] ، وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة/ ٥٠] ، ويقال: حَاكِم وحُكَّام لمن يحكم بين الناس، 

قال الله تعالى: (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) [البقرة/ ١٨٨] ، والحَكَمُ: المتخصص بذلك، فهو أبلغ. قال الله تعالى: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً) [الأنعام/ ١١٤] ، 

وقال عزّ وجلّ: (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) [النساء/ ٣٥] ، وإنما قال: حَكَماً ولم يقل: حاكما، تنبيها أنّ من شرط الحكمين أن يتوليا الحكم عليهم ولهم حسب ما يستصوبانه من غير مراجعة إليهم في تفصيل ذلك، ويقال الحكم للواحد والجمع، وتحاكمنا إلى الحاكم.

قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) [النساء/ ٦٠] ، وحَكَّمْتُ فلانا، قال تعالى: (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النساء/ ٦٥] ، فإذا قيل: حكم بالباطل، فمعناه: أجرى الباطل مجرى الحكم. والحِكْمَةُ: إصابة الحق بالعلم والعقل، فالحكمة من الله تعالى: معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان: معرفة الموجودات وفعل الخيرات.

وهذا هو الذي وصف به لقمان في قوله عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) [لقمان/ ١٢] ، ونبّه على جملتها بما وصفه بها، فإذا قيل في الله تعالى: هو حَكِيم ، فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره، ومن هذا الوجه قال الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) [التين/ ٨] ، وإذا وصف به القرآن فلتضمنه الحكمة، نحو: (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) [يونس/ ١] ، 

وعلى ذلك قال: (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) [القمر/ ٤- ٥] ، وقيل: معنى الحكيم المحكم ، نحو: (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) [هود/ ١] ، وكلاهما صحيح، فإنه محكم ومفيد للحكم، ففيه المعنيان جميعا، والحكم أعمّ من الحكمة، فكلّ حكمة حكم، وليس كل حكم حكمة، فإنّ الحكم أن يقضى بشيء على شيء، فيقول: هو كذا أو ليس بكذا، قال صلّى الله عليه وسلم: «إنّ من الشّعرلحكمة» أي: قضية صادقة ، 

وذلك نحو قول لبيد: إنّ تقوى ربّنا خير نفل قال الله تعالى: (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم/ ١٢] ، وقال صلّى الله عليه وسلم: «الصمت حكم وقليل فاعله» أي: حكمة، (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [آل عمران/ ١٦٤] ، 

وقال تعالى: (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) [الأحزاب/ ٣٤] ، قيل: تفسير القرآن، ويعني ما نبّه عليه القرآن من ذلك: (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) [المائدة/ ١] ، أي: ما يريده يجعله حكمة، وذلك حثّ للعباد على الرضى بما يقضيه. قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله: (مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) [الأحزاب/ ٣٤] ، هي علم القرآن، ناسخه، مُحْكَمه ومتشابهه.

وقال ابن زيد : هي علم آياته وحكمه. وقال السّدّي : هي النبوّة، وقيل: فهم حقائق القرآن، وذلك إشارة إلى أبعاضها التي تختص بأولي العزم من الرسل، ويكون سائر الأنبياء تبعا لهم في ذلك. 

وقوله عزّ وجلّ: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا) [المائدة/ ٤٤] ، فمن الحكمة المختصة بالأنبياء أو من الحكم قوله عزّ وجلّ: (آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) [آل عمران/ ٧] ، فالمحكم: ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى. والمتشابه على أضرب تذكر في بابه إن شاء الله . وفي الحديث: «إنّ الجنّة للمُحَكِّمِين» قيل: هم قوم خيّروا بين أن يقتلوا مسلمين وبين أن يرتدّوا فاختاروا القتل. وقيل: عنى المتخصّصين بالحكمة.