كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حقَ)

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حقَ)

الوصف

                                                     كتاب الحاء 

                                                       (حقَ)

[حقَ]

أصل الحَقّ: المطابقة والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه لدورانه على استقامة.

والحقّ يقال على أوجه: 

الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحقّ ، قال الله تعالى: (وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) ، وقيل بعيد ذلك: (فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [يونس/ ٣٢] .

والثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كلّه حق، نحو قولنا: الموت حق، والبعث حق، وقال تعالى: (هُوَالَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) [يونس/ ٥] ،

 إلى قوله: (ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ) [يونس/ ٥] ، وقال في القيامة: (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ) [يونس/ ٥٣] ، (ولَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ) [البقرة/ ١٤٦] ، 

وقوله عزّ وجلّ: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [البقرة/ ١٤٧] ، (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [البقرة/ ١٤٩] .

والثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنّة والنّار حقّ، قال الله تعالى: (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) [البقرة/ ٢١٣] .

والرابع: للفعل والقول بحسب ما يجب وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا: فعلك حقّ وقولك حقّ، قال تعالى: (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) [يونس/ ٣٣] ، (وحَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) [السجدة/ ١٣] ، 

وقوله عزّ وجلّ: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ) [المؤمنون/ ٧١] ، يصح أن يكون المراد به الله تعالى، ويصحّ أن يراد به الحكم الذي هو بحسب مقتضى الحكمة. ويقال: أَحققْتُ كذا، أي: أثبتّه حقا، أو حكمت بكونه حقا، 

وقوله تعالى: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ) [الأنفال/ ٨] فإحقاق الحقّ على ضربين.

أحدهما: بإظهار الأدلّة والآيات، كما قال تعالى: (وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) [النساء/ ٩١] ، أي: حجة قوية.

والثاني: بإكمال الشريعة وبثّها في الكافّة، كقوله تعالى: (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [الصف/ ٨] ، (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [التوبة/ ٣٣] ، 

وقوله: (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة/ ١] ، إشارة إلى القيامة، كما فسّره بقوله: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) [المطففين/ ٦] ، لأنه يحقّ فيه الجزاء، ويقال: حَاقَقْتُهُ فَحَقَقْتُهُ، أي خاصمته في الحقّ فغلبته، 

وقال عمر رضي الله عنه: (إذا النساء بلغن نصّ الحقاق فالعصبة أولى في ذلك) .

وفلان نَزِقُ الحِقَاق: إذا خاصم في صغار الأمور، ويستعمل استعمال الواجب واللازم والجائز نحو: (كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم/ ٤٧] ، (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس/ ١٠٣] ،

 وقوله تعالى: (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ) [الأعراف/ ١٠٥] ، قيل معناه: جدير، وقرئ: حَقِيقٌ عَلى قيل: واجب، وقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) [البقرة/ ٢٢٨] ، والحقيقة تستعمل تارة في الشيء الذي له ثبات ووجود، كقوله صلّى الله عليه وسلم لحارث: «لكلّ حقّ حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟» ، أي: ما الذي ينبئ عن كون ما تدّعيه حقّا؟ وفلان يحمي حقيقته، أي: ما يحقّ عليه أن يحمى. وتارة تستعمل في الاعتقاد كما تقدّم، وتارة في العمل وفي القول، فيقال: فلان لفعله حقيقة: إذا لم يكن مرائيا فيه، ولقوله حقيقة: إذا لم يكن مترخّصا ومتزيدا، ويستعمل في ضدّه المتجوّز والمتوسّع والمتفسّح، وقيل: الدنيا باطل، والآخرة حقيقة، تنبيها على زوال هذه وبقاء تلك، وأمّا في تعارف الفقهاء والمتكلمين فهي اللفظ المستعمل فيما وضع له في أصل اللغة . والحِقُّ من الإبل: ما استحقّ أن يحمل عليه، والأنثى: حِقَّة، والجمع: حِقَاق، وأتت النّاقة على حقّها ، أي: على الوقت الذي ضربت فيه من العام الماضي.