كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء ( حفد - حفر - حفظ )

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء ( حفد - حفر - حفظ )

الوصف

                                                   كتاب الحاء 

                                            ( حفد - حفر - حفظ )

[حفد]

قال الله تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النحل/ ٧٢] ، جمع حَافِد، وهو المتحرّك المتبرّع بالخدمة، أقارب كانوا أو أجانب، قال المفسرون: هم الأسباط ونحوهم، وذلك أنّ خدمتهم أصدق، قال الشاعر: حَفَدَ الولائد بينهنّ وفلان مَحْفُود، أي: مخدوم، وهم الأختان والأصهار، وفي الدعاء: «إليك نسعى ونحفد» ، وسيف مُحْتَفِد: سريع القطع، قال الأصمعي: أصل الحَفْد: مداركة الخطو.

[حفر]

قال تعالى: (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) [آل عمران/ ١٠٣] ، أي: مكان محفور، ويقال لها: حَفِيرَة. والحَفَر: التراب الذي يخرج من الحفرة، نحو: نقض لما ينقض، والمِحْفَار والمِحْفَر والمِحْفَرَة: ما يحفر به، وسمّي حَافِر الفرس تشبيها لحفره في عدوه، وقوله عزّ وجل: (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) [النازعات/ ١٠] ، مثل لمن يردّ من حيث جاء، أي: أنحيا بعد أن نموت ؟.

وقيل: الحافرة: الأرض التي جعلت قبورهم، ومعناه: أإنّا لمردودون ونحن في الحافرة؟ أي: في القبور، وقوله: فِي الْحافِرَةِ على هذا في موضع الحال.

وقيل: رجع على حافرته ، ورجع الشيخ إلى حافرته، أي: هرم، نحو قوله تعالى: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) [النحل/ ٧٠] ، وقولهم: (النقد عند الحافرة)  ، لما يباع نقدا، وأصله في الفرس إذا بيع، فيقال: لا يزول حافره أو ينقد ثمنه، والحَفْر: تأكّل الأسنان، وقد حَفَرَ فوه حَفْراً، وأَحْفَرَ المهر للإثناء والإرباع .

[حفظ]

الحِفْظ يقال تارة لهيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي إليه الفهم، وتارة لضبط الشيء في النفس، ويضادّه النسيان، وتارة لاستعمال تلك القوة، فيقال: حَفِظْتُ كذا حِفْظاً، ثم يستعمل في كلّ تفقّد وتعهّد ورعاية،

 قال الله تعالى: (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [يوسف/ ١٢] ، (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) [البقرة/ ٢٣٨] ، (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) [المؤمنون/ ٥] ، (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) [الأحزاب/ ٣٥] ، 

كناية عن العفّة، (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ) [النساء/ ٣٤] ، أي: يحفظن عهد الأزواج عند غيبتهن بسبب أنّ الله تعالى يحفظهنّ، أي: يطّلع عليهنّ، وقرئ: 

بِما حَفِظَ اللَّهُ بالنصب، أي: بسبب رعايتهن حقّ الله تعالى لا لرياء وتصنّع منهن، (وفَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [الشورى/ ٤٨] ، أي: حافظا، كقوله: (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [ق/ ٤٥] ، 

(وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) [الأنعام/ ١٠٧] ، (فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً) [يوسف/ ٦٤] ، وقرئ: حفظا أي: حفظه خير من حفظ غيره، (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) [ق/ ٤] ، 

أي: حافظ لأعمالهم فيكون حَفِيظٌ بمعنى حافظ، نحو قوله تعالى: (اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) [الشورى/ ٦] ، أو معناه: محفوظ لا يضيع، 

كقوله تعالى: (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) [طه/ ٥٢] ، والحِفَاظ: المُحَافَظَة، وهي أن يحفظ كلّ واحد الآخر، وقوله عزّ وجل: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) [المؤمنون/ ٩] ، فيه تنبيه أنهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ومراعاة أركانها، والقيام بها في غاية ما يكون من الطوق، وأنّ الصلاة تحفظهم الحفظ الذي نبّه عليه في قوله: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت/ ٤٥] ، والتَحَفُّظ: قيل: هو قلّة الغفلة ، وحقيقته إنما هو تكلّف الحفظ لضعف القوة الحافظة، ولمّا كانت تلك القوة من أسباب العقل توسّعوا في تفسيرها كما ترى. والحَفِيظَة: الغضب الذي تحمل عليه المحافظة أي: ما يجب عليه أن يحفظه ويحميه. ثم استعمل في الغضب المجرّد، فقيل: أَحْفَظَنِي فلان، أي: أغضبني.