كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حصد - حصر)

الوصف
كتاب الحاء
(حصد - حصر)
[حصد]
أصل الحَصْد قطع الزرع، وزمن الحَصَاد والحِصَاد، كقولك: زمن الجداد والجداد، وقال تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) [الأنعام/ ١٤١] ، فهو الحصاد المحمود في إبّانه،
وقوله عزّ وجل: (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) [يونس/ ٢٤] ، فهو الحصاد في غير إبّانه على سبيل الإفساد، ومنه استعير: حصدهم السيف، وقوله عزّ وجل: (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) [هود/ ١٠٠] ، فحصيد إشارة إلى نحو ما قال: (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنعام/ ٤٥] ، (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [ق/ ٩] ، أي: ما يحصد ممّا منه القوت، وقال صلّى الله عليه وسلم: «وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النّار إلا حصائد ألسنتهم» فاستعارة.
وحبل مُحْصَد ، ودرع حَصْدَاء ، وشجرة حصداء ، كلّ ذلك منه، وتَحَصَّدَ القوم: تقوّى بعضهم ببعض.
[حصر]
الحَصْر: التضييق، قال عزّ وجلّ: (وَاحْصُرُوهُمْ) [التوبة/ ٥] ، أي: ضيقوا عليهم، وقال عزّ وجل: (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) [الإسراء/ ٨] ، أي: حابسا.
قال الحسن: معناه: مهادا ، (كأنه جعله الحصير المرمول كقوله: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) [الأعراف/ ٤١] فحصير في الأول بمعنى الحاصر، وفي الثاني بمعنى المحصور، فإنّ الحصير سمّي بذلك لحصر بعض طاقاته على بعض، وقول لبيد: ومعالم غلب الرّقاب كأنهم ... جنّ لدى باب الحصير قيام أي: لدى سلطان، وتسميته بذلك إمّا لكونه محصورا نحو: محجّب، وإمّا لكونه حاصرا، أي: مانعا لمن أراد أن يمنعه من الوصول إليه،
وقوله عزّ وجلّ: (وَسَيِّداً وَحَصُوراً) [آل عمران/ ٣٩] ، فالحصور: الذي لا يأتي النساء، إمّا من العنّة، وإمّا من العفّة والاجتهاد في إزالة الشهوة. والثاني أظهر في الآية، لأنّ بذلك تستحق المحمدة، والحصر والإحصارُ: المنع من طريق البيت، فالإحصار يقال في المنع الظاهر كالعدوّ، والمنع الباطن كالمرض، والحصر لا يقال إلا في المنع الباطن، فقوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) [البقرة/ ١٩٦] ،
فمحمول على الأمرين، وكذلك قوله: (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [البقرة/ ٢٧٣] ، وقوله عزّ وجل: (أَوْجاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النساء/ ٩٠] ، أي: ضاقت بالبخل والجبن، وعبّر عنه بذلك كما عبّر عنه بضيق الصدر، وعن ضده بالبر والسعة.