كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حب)

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الحاء (حب)

الوصف

                                                    كتاب الحاء 

                                                    ( حب )

[حب]

الحَبُّ والحَبَّة يقال في الحنطة والشعير ونحوهما من المطعومات، والحبّ والحبّة في بزور الرياحين، قال الله تعالى: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) [البقرة/ ٢٦١] ، 

وقال: (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) [الأنعام/ ٥٩] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام/ ٩٥] ، وقوله تعالى: (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [ق/ ٩] ، أي: الحنطة وما يجري مجراها ممّا يحصد، وفي الحديث: «كما تنبت الحبّة في حميل السيل» .

والحِبُّ: من فرط حبّه، والحَبَبُ: تنضّد الأسنان تشبيها بالحب، والحُبَاب من الماء:

النّفّاخات تشبيها به، وحَبَّة القلب تشبيها بالحبّة في الهيئة، وحَبَبْتُ فلانا، يقال في الأصل بمعنى: أصبت حبّة قلبه، نحو: شغفته وكبدته وفأدته، وأَحْبَبْتُ فلانا: جعلت قلبي معرّضا لحبّه، لكن في التعارف وضع محبوب موضع محبّ، واستعمل (حببت) أيضا موضع (أحببت) . والمحبَّة: إرادة ما تراه أو تظنّه خيرا، وهي على ثلاثة أوجه:

- محبّة للّذة، كمحبّة الرجل المرأة، ومنه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً) [الإنسان/ ٨] .

- ومحبّة للنفع، كمحبة شيء ينتفع به، ومنه: (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) [الصف/ ١٣] .

- ومحبّة للفضل، كمحبّة أهل العلم بعضهم لبعض لأجل العلم.

وربّما فسّرت المحبّة بالإرادة في نحو قوله تعالى: (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) [التوبة/ ١٠٨] ، وليس كذلك، فإنّ المحبّة أبلغ من الإرادة كما تقدّم آنفا، فكلّ محبّة إرادة، وليس كلّ إرادة محبّة، 

وقوله عزّ وجلّ: (إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ) [التوبة/ ٢٣] ، أي: إن آثروه عليه، وحقيقة الاستحباب: أن يتحرّى الإنسان في الشيء أن يحبّه، واقتضى تعديته ب (على) معنى الإيثار، وعلى هذا قوله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) [فصلت/ ١٧] ، وقوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة/ ٥٤] ، فمحبّة الله تعالى للعبد إنعامه عليه، ومحبّة العبد له طلب الزّلفى لديه.

وقوله تعالى: (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) [ص/ ٣٢] ، فمعناه: أحببت الخيل حبّي للخير، وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة/ ٢٢٢] ، أي: يثيبهم وينعم عليهم، 

وقال: (لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة/ ٢٧٦] ، وقوله تعالى: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) [الحديد/ ٢٣] ، تنبيها أنه بارتكاب الآثام يصير بحيث لا يتوب لتماديه في ذلك، وإذا لم يتب لم يحبّه الله المحبّة التي وعد بها التوابين والمتطهرين.

وحَبَّبَ الله إليّ كذا، قال الله تعالى: (وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) [الحجرات/ ٧] ، وأحبّ البعير: إذا حرن ولزم مكانه، كأنه أحبّ المكان الذي وقف فيه، وحبابك أن تفعل كذا، أي: غاية محبّتك ذلك.