كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الجيم (جنَ)

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الجيم (جنَ)

الوصف

                                                    كتاب الجيم 

                                                    (جنَ)

[جنَ]

أصل الجِنِّ: ستر الشيء عن الحاسة، يقال: جَنَّه الليل وأَجَنَّهُ وجَنَّ عليه، فَجَنَّهُ: ستره، وأَجَنَّه جعل له ما يجنّه، كقولك: قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجَنَّ عليه كذا: ستر عليه، 

قال عزّ وجل: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) [الأنعام/ ٧٦] ، والجَنَان: القلب، لكونه مستورا عن الحاسة، والمِجَنُّ والمِجَنَّة: الترس الذي يجنّ صاحبه. 

قال عزّ وجل: (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) [المجادلة/ ١٦] ، وفي الحديث: «الصّوم جنّة» .

والجَنَّةُ: كلّ بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض، قال عزّ وجل: (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) [سبأ/ ١٥] ، (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) [سبأ/ ١٦] ، 

(وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ) [الكهف/ ٣٩] ، قيل: وقد تسمى الأشجار الساترة جَنَّة، وعلى ذلك حمل قول الشاعر: من النّواضح تسقي جنّة سحقا وسميت الجنّة إمّا تشبيها بالجنّة في الأرض- وإن كان بينهما بون-، وإمّا لستره نعمها عنّا المشار إليها بقوله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة/ ١٧] . قال ابن عباس رضي الله عنه: إنما قال: جَنَّاتٍ  بلفظ الجمع لكون الجنان سبعا: جنة الفردوس، وعدن، وجنة النعيم، ودار الخلد، وجنة المأوى، ودار السلام، وعليّين.

والجنين: الولد ما دام في بطن أمه، وجمعه: أَجِنَّة. قال تعالى: (وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) [النجم/ ٣٢] ، وذلك فعيل في معنى مفعول، والجنين القبر، وذلك فعيل في معنى فاعل. والجِنّ يقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الإنس، فعلى هذا تدخل فيه الملائكة والشياطين، فكلّ ملائكة جنّ، وليس كلّ جنّ ملائكة، وعلى هذا قال أبو صالح : الملائكة كلها جنّ، وقيل: بل الجن بعض الروحانيين، وذلك أنّ الروحانيين ثلاثة: 

- أخيار: وهم الملائكة.

- وأشرار: وهم الشياطين.

- وأوساط فيهم أخيار وأشرار: وهم الجن، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ إلى قوله: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ [الجن/ ١- ١٤] .

والجِنَّة: جماعة الجن. قال تعالى: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس/ ٦] ، وقال تعالى: (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) [الصافات/ ١٥٨] . والجِنَّة: الجنون، وقال تعالى: (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) [سبأ/ ٤٦] أي: جنون.

والجُنون: حائل بين النفس والعقل، وجُنَّ فلان قيل: أصابه الجن، وبني فعله كبناء الأدواء نحو: زكم ولقي وحمّ، وقيل: أصيب جنانه، وقيل: حيل بين نفسه وعقله، فجن عقله بذلك وقوله تعالى: (مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) [الدخان/ ١٤] ، أي: ضامّة من يعلمه من الجن، وكذلك قوله تعالى: (أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) [الصافات/ ٣٦] ، وقيل: جنّ التلاع والآفاق أي: كثر عشبها حتى صارت كأنها مجنونة، 

وقوله تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) [الحجر/ ٢٧] فنوع من الجنّ، وقوله تعالى: (كَأَنَّها جَانٌّ) [النمل/ ١٠] ، قيل: ضرب من الحيّات.