كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الجيم (جرف - جرم)

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الجيم (جرف - جرم)

الوصف

                                                  كتاب الجيم 

                                              (جرف - جرم)

[جرف]

قال عزّ وجل: (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة/ ١٠٩] ، يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه- أي: يذهب به-: جُرْف، وقد جَرَفَ الدهر ماله، أي: اجتاحه تشبيها به، ورجل جُرَاف: نكحة، كأنه يجرف في ذلك العمل.

[جرم]

أصل الجَرْم: قطع الثّمرة عن الشجر، ورجل جَارِم، وقوم جِرَام، وثمر جَرِيم. والجُرَامَة: رديء التمر المَجْرُوم، وجعل بناؤه بناء النّفاية، وأَجْرَمَ: صار ذا جرم، نحو: أثمر وألبن، واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه، ولا يكاد يقال في عامّة كلامهم للكيس المحمود، ومصدره: جَرْم، وقول الشاعر في صفة عقاب: جريمة ناهض في رأس نيق فإنه سمّى اكتسابها لأولادها جرما من حيث إنها تقتل الطيور، أو لأنّه تصورها بصورة مرتكب الجرائم لأجل أولادها، كما قال بعضهم: ما ذو ولد- وإن كان بهيمة- إلا ويذنب لأجل أولاده.

فمن الإجرام قوله عزّ وجل: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) [المطففين/ ٢٩] ، وقال تعالى: (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) [هود/ ٣٥] ، وقال تعالى: (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) [المرسلات/ ٤٦] ، 

وقال تعالى: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر/ ٤٧] ، وقال عزّ وجل: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ، فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ) [الزخرف/ ٧٤] .

ومن جَرَم، قال تعالى: (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ) [هود/ ٨٩] ، فمن قرأ بالفتح فنحو: بغيته مالا، ومن ضمّ فنحو: أبغيته مالا، أي أغثته.

وقوله عزّ وجلّ: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) [المائدة/ ٨] ، وقوله عزّ وجل: (فَعَلَيَّ إِجْرامِي) [هود/ ٣٥] ، فمن كسر فمصدر، ومن فتح فجمع جرم.

واستعير من الجرم- أي: القطع- جَرَمْتُ صوف الشاة، وتَجَرَّمَ الليل .

والجِرْمُ في الأصل: المجروم، نحو نقض ونفض للمنقوض والمنفوض، وجعل اسما للجسم المجروم، وقولهم: فلان حسن الجرم، أي: اللون، فحقيقته كقولك: حسن السخاء.

وأمّا قولهم: حسن الجرم، أي: الصوت .

فالجرم في الحقيقة إشارة إلى موضع الصوت لا إلى ذات الصوت، ولكن لمّا كان المقصود بوصفه بالحسن هو الصوت فسّر به، كقولك: فلان طيب الحلق، وإنما ذلك إشارة إلى الصوت لا إلى الحلق نفسه. وقوله عزّ وجل: لا جَرَمَ قيل: إنّ «لا» يتناول محذوفا، نحو «لا» في قوله تعالى: (لا أُقْسِمُ) [القيامة/ ١] ، وفي قول الشاعر: لا وأبيك ابنة العامري  ومعنى جرم: كسب، أو جنى. و: (أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل/ ٦٢] ، في موضع المفعول، كأنه قال: كسب لنفسه النار.

وقيل: جَرَمَ وجَرِمَ بمعنى، لكن خصّ بهذا الموضع «جرم» كما خصّ عمر بالقسم، وإن كان عمر وعمر بمعنى، ومعناه: ليس بجرم أنّ لهم النار، تنبيها أنهم اكتسبوها بما ارتكبوه إشارة إلى قوله تعالى: (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [الجاثية/ ١٥] .

وقد قيل في ذلك أقوال، أكثرها ليس بمرتضى عند التحقيق .

وعلى ذلك قوله عزّ وجل: (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) [النحل/ ٢٢] ، (لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) [النحل/ ٢٣] ، 

وقال تعالى: (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) [النحل/ ١٠٩] .