كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الباء (بين)

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الباء (بين)
108 0

الوصف

                                                    كتاب الباء 

                                                     (بين)

بَيْن موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما. قال تعالى: (وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً) [الكهف/ ٣٢] ، يقال: بَانَ كذا أي: انفصل وظهر ما كان مستترا منه، ولمّا اعتبر فيه معنى الانفصال والظهور استعمل في كلّ واحد منفردا، فقيل للبئر البعيدة القعر: بَيُون، لبعد ما بين الشفير والقعر لانفصال حبلها من يد صاحبها. وبان الصبح: ظهر، وقوله تعالى: (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)  [الأنعام/ ١٩٤] ، أي: وصلكم. وتحقيقه: أنه ضاع عنكم الأموال والعشيرة والأعمال التي كنتم تعتمدونها، إشارة إلى قوله سبحانه: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) [الشعراء/ ٨٨] ، وعلى ذلك قوله: (لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) [الأنعام/ ٩٤] .

و «بَيْن» يستعمل تارة اسما وتارة ظرفا، فمن قرأ: (بينكم) [الأنعام/ ٩٤] ، جعله اسما، ومن قرأ: بَيْنَكُمْ جعله ظرفا غير متمكن وتركه مفتوحا، 

فمن الظرف قوله: (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات/ ١] ، وقوله: (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) [المجادلة/ ١٢] ، (فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ) [ص/ ٢٢] ، وقوله تعالى: (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما) [الكهف/ ٦١] ، فيجوز أن يكون مصدرا، أي:

موضع المفترق. (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) [النساء/ ٩٢] . ولا يستعمل «بين» إلا فيما كان له مسافة، نحو: بين البلدين، أو له عدد ما اثنان فصاعدا نحو: الرجلين، وبين القوم، ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرّر، نحو: (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [فصلت/ ٥] ، (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً) [طه/ ٥٨] ، ويقال: هذا الشيء بين يديك، أي: متقدما لك، ويقال: هو بين يديك أي:

قريب منك، وعلى هذا قوله: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) [الأعراف/ ١٧] ، (ولَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا) [مريم/ ٦٤] ، (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) [يس/ ٩] ، 

(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) [المائدة/ ٤٦] ، (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) [ص/ ٨] ، أي: من جملتنا، وقوله: (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) [سبأ/ ٣١] ، أي: متقدّما له من الإنجيل ونحوه، وقوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال/ ١] ، أي: راعوا الأحوال التي تجمعكم من القرابة والوصلة والمودة.

ويزاد في بين «ما» أو الألف، فيجعل بمنزلة «حين» ، نحو: بَيْنَمَا زيد يفعل كذا، وبَيْنَا يفعل كذا، قال الشاعر: بينا يعنّقه الكماة وروغه ... يوما أتيح له جريء، سلفع 

يقال:بانَ واسْتَبَانَ وتَبَيَّنَ نحو عجل واستعجل وتعجّل وقد بَيَّنْتُهُ. قال الله سبحانه: (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) [العنكبوت/ ٣٨] ، (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) [إبراهيم/ ٤٥] ، (ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام/ ٥٥] ، (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة/ ٢٥٦] ، (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) [آل عمران/ ١١٨] ، (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) [الزخرف/ ٦٣] ، (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل/ ٤٤] ، 

(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) [النحل/ ٣٩] ، (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) [آل عمران/ ٩٧] ، وقال: (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ) [البقرة/ ١٨٥] . ويقال: آية مُبَيَّنَة اعتبارا بمن بيّنها، وآية مُبَيِّنَة اعتبارا بنفسها، وآيات مبيّنات ومبيّنات.

والبَيِّنَة: الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة، وسمي الشاهدان بيّنة لقوله عليه السلام: «البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر» ، وقال سبحانه: (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) [هود/ ١٧] ، 

وقال: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال/ ٤٢] ، (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) [الروم/ ٩] .

والبَيَان: الكشف عن الشيء، وهو أعمّ من النطق، لأنّ النطق مختص بالإنسان، ويسمّى ما بيّن به بيانا. قال بعضهم: البيان يكون على ضربين:

أحدهما بالتسخير، وهو الأشياء التي تدلّ على حال من الأحوال من آثار الصنعة.

والثاني بالاختبار، وذلك إما يكون نطقا، أو كتابة، أو إشارة. 

فممّا هو بيان بالحال قوله: (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [الزخرف/ ٦٢] ، أي: كونه عدوّا بَيِّن في الحال. (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [إبراهيم/ ١٠] .

وما هو بيان بالاختبار (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل/ ٤٣- ٤٤] ،

 وسمّي الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره نحو: (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) [آل عمران/ ١٣٨] .

وسمي ما يشرح به المجمل والمبهم من الكلام بيانا، نحو قوله: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) [القيامة/ ١٩] ، ويقال: بَيَّنْتُهُ وأَبَنْتُهُ: إذا جعلت له بيانا تكشفه، نحو: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل/ ٤٤] ،

 وقال: (نَذِيرٌ مُبِينٌ) [ص/ ٧٠] ، (وإِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) [الصافات/ ١٠٦] ، (وَلا يَكادُ يُبِينُ) [الزخرف/ ٥٢] ، أي: يبيّن، (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [الزخرف/ ١٨] .