كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الباء (بغض - بغل - بغي)

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الباء (بغض - بغل - بغي)

الوصف

                                                    كتاب الباء 

                                             (بغض - بغل - بغي)

[بغض]

البُغْض: نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه، وهو ضد الحبّ، فإنّ الحب انجذاب النفس إلى الشيء، الذي ترغب فيه. يقال: بَغُضَ الشيء بُغْضاً وبَغَضْتُه بَغْضَاء. 

قال الله عزّ وجلّ: (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) [المائدة/ ٦٤] ، وقال: (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) [المائدة/ ٩١] ، وقوله عليه السلام: «إنّ الله تعالى يبغض الفاحش المتفحّش» فذكر بغضه له تنبيه على بعد فيضه وتوفيق إحسانه منه.

[بغل]

قال الله تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ) [النحل/ ٨] ، والبَغْل: المتولّد من بين الحمار والفرس، وتَبَغَّلَ البعير: تشبّه به في سعة مشيه، وتصوّر منه عرامته وخبثه، فقيل في صفة النذل: هو بغل.

[بغي]

البَغْي: طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرّى، تجاوزه أم لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في القدر الذي هو الكمية، وتارة يعتبر في الوصف الذي هو الكيفية، يقال: بَغَيْتُ الشيء: إذا طلبت أكثر ما يجب، وابْتَغَيْتُ كذلك، قال الله عزّ وجل: (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ) [التوبة/ ٤٨] ، وقال تعالى: (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) [التوبة/ ٤٧] . والبَغْيُ على ضربين:

- أحدهما محمود، وهو تجاوز العدل إلى الإحسان، والفرض إلى التطوع.

- والثاني مذموم، وهو تجاوز الحق إلى الباطل، أو تجاوزه إلى الشّبه، كما قال عليه الصلاة والسلام: «الحقّ بيّن والباطل بيّن، وبين ذلك أمور مشتبهات، ومن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه» ، ولأنّ البغي قد يكون محمودا ومذموما، قال تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [الشورى/ ٤٢] ، فخصّ العقوبة ببغيه بغير الحق.

وأَبْغَيْتُك: أعنتك على طلبه، وبَغَى الجرح: تجاوز الحدّ في فساده، وبَغَتِ المرأة بِغَاءً: إذا فجرت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها. قال عزّ وجلّ: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [النور/ ٣٣] ، وبَغَتِ السماء: تجاوزت في المطر حدّ المحتاج إليه، وبَغَى: تكبّر، وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له، ويستعمل ذلك في أي أمر كان. قال تعالى: (يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [الشورى/ ٤٢] ، 

وقال تعالى: (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) [يونس/ ٢٣] ، (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) [الحج/ ٦٠] ، (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ) [القصص/ ٧٦] ،

 وقال: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) [الحجرات/ ٩] ، فالبغي في أكثر المواضع مذموم، وقوله: (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [البقرة/ ١٧٣] ، أي: غير طالب ما ليس له طلبه ولا متجاوز لما رسم له.

قال الحسن: غير متناول للذّة ولا متجاوز سدّ الجوعة وقال مجاهد رحمه الله: غير باغ على إمام ولا عاد في المعصية طريق الحق وأمّا الابتغاء فقد خصّ بالاجتهاد في الطلب، فمتى كان الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود نحو: (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ) [الإسراء/ ٢٨] ، (وابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل/ ٢٠] ، وقولهم: يَنْبغي مطاوع بغى. فإذا قيل: ينبغي أن يكون كذا؟ فيقال على وجهين: أحدهما ما يكون مسخّرا للفعل، نحو: النار ينبغي أن تحرق الثوب، والثاني: على معنى الاستئهال، نحو: فلان ينبغي أن يعطى لكرمه، وقوله تعالى: (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) [يس/ ٦٩] ، على الأول، فإنّ معناه لا يتسخّر ولا يتسهّل له، ألا ترى أنّ لسانه لم يكن يجري به، وقوله تعالى: (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) [ص/ ٣٥] .