كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الألف (أوَّه - أي )

كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الألف (أوَّه - أي )

الوصف

                                                    كتاب الألف 

                                                   (أوَّه - أي )

[أوَّه]

الأَوَّاه: الذي يكثر التأوّه، وهو أن يقول: أَوَّه أَوَّه، وكل كلام يدل على حزن يقال له: التَّأَوُّه، ويعبّر بالأوّاه عمّن يظهر خشية الله تعالى،

 وقيل في قوله تعالى: (أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) [هود/ ٧٥] أي: المؤمن الداعي، وأصله راجع إلى ما تقدّم.

قال أبو العباس رحمه الله: يقال: إيها: إذا كففته، وويها: إذا أغريته، وواها: إذا تعجّبت منه.

[أي]

أَيُّ في الاستخبار موضوع للبحث عن بعض الجنس والنوع وعن تعيينه، ويستعمل ذلك في الخبر والجزاء، نحو: (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء/ ١١٠] ، (وأَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ) [القصص/ ٢٨] والآية: هي العلامة الظاهرة، وحقيقته لكل شيء ظاهر، وهو ملازم لشيء لا يظهر ظهوره، فمتى أدرك مدرك الظاهر منهما علم أنه أدرك الآخر الذي لم يدركه بذاته، إذ كان حكمهما سواء، وذلك ظاهر في المحسوسات والمعقولات، فمن علم ملازمة العلم للطريق المنهج ثم وجد العلم علم أنه وجد الطريق، وكذا إذا علم شيئا مصنوعا علم أنّه لا بدّ له من صانع.

واشتقاق الآية إمّا من أيّ فإنها هي التي تبيّن أيّا من أيّ، أو من قولهم: أوى إليه.

والصحيح أنها مشتقة من التأيي الذي هو التثبت والإقامة على الشيء.

يقال: تأيّ، أي: ارفق ، أو من قولهم: أوى إليه. وقيل للبناء العالي آية، نحو: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) [الشعراء/ ١٢٨] . ولكلّ جملة من القرآن دالة على حكم آية، سورة كانت أو فصولا أو فصلا من سورة، وقد يقال لكل كلام منه منفصل بفصل لفظي: آية.

وعلى هذا اعتبار آيات السور التي تعدّ بها السورة. وقوله تعالى: (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الجاثية/ ٣] ، فهي من الآيات المعقولة التي تتفاوت بها المعرفة بحسب تفاوت منازل الناس في العلم، وكذلك قوله: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت/ ٤٩] ، وكذا قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [يوسف/ ١٠٥] ، وذكر في مواضع آية وفي مواضع آيات، وذلك لمعنى مخصوص ليس هذا الكتاب موضع ذكره.

وإنما قال: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون/ ٥٠] ولم يقل: آيتين ، لأنّ كل واحد صار آية بالآخر. وقوله عزّ وجل: (وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) [الإسراء/ ٥٩] فالآيات هاهنا قيل: إشارة إلى الجراد والقمل والضفادع، ونحوها من الآيات التي أرسلت إلى الأمم المتقدمة، فنبّه أنّ ذلك إنما يفعل بمن يفعله تخويفا، وذلك أخسّ المنازل للمأمورين، فإنّ الإنسان يتحرّى فعل الخير لأحد ثلاثة أشياء: 

- إمّا أن يتحراه لرغبة أو رهبة، وهو أدنى منزلة.

- وإمّا أن يتحراه لطلب محمدة.

- وإمّا أن يتحراه للفضيلة، وهو أن يكون ذلك الشيء فاضلا في نفسه، وذلك أشرف المنازل.

فلمّا كانت هذه الأمة خير أمة كما قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران/ ١١٠] رفعهم عن هذه المنزلة، ونبّه أنه لا يعمّهم بالعذاب وإن كانت الجهلة منهم كانوا يقولون: (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال/ ٣٢] .

وقيل: الآيات إشارة إلى الأدلة، ونبّه أنه يقتصر معهم على الأدلة، ويصانون عن العذاب الذي يستعجلون به في قوله عزّ وجل: (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) [العنكبوت/ ٥٤] .

وفي بناء آية ثلاثة أقوال: قيل: هي فعلة ، وحقّ مثلها أن يكون لامه معلّا دون عينه، نحو: حياة ونواة، لكن صحّح لامه لوقوع الياء قبلها، نحو: راية. وقيل: هي فعلة إلا أنها قلبت كراهة التضعيف كطائي في طيّئ. وقيل: هي فاعلة، وأصلها: آيية، فخفّفت فصار آية، وذلك ضعيف لقولهم في تصغيرها: أُيَيَّة، ولو كانت فاعلة لقيل: أويّة .

وأَيَّانَ عبارة عن وقت الشيء، ويقارب معنى متى، قال تعالى: (أَيَّانَ مُرْساها) [الأعراف/ ١٨٧] ، (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) [الذاريات/ ١٢] من قولهم: أي، وقيل: أصله: أيّ أوان، أي: أيّ وقت، فحذف الألف ثم جعل الواو ياء فأدغم فصار أيّان. و: وإِيَّا لفظ موضوع ليتوصل به إلى ضمير المنصوب إذا انقطع عمّا يتصل به، وذلك يستعمل إذا تقدّم الضمير، نحو: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة/ ٤] أو فصل بينهما بمعطوف عليه أو بإلا، نحو:

(نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء/ ٣١] ، ونحو: (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء/ ٢٣] .