كتاب المفردات في غريب القرآن-الشريعة وعلوم الحكمة (علم الحكمة)

كتاب المفردات في غريب القرآن-الشريعة وعلوم الحكمة (علم الحكمة)
111 0

الوصف

                                                   الشريعة وعلوم الحكمة 

                                                       (علم الحكمة)

هو علم يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية وهي من العلوم العقلية، وقد قال ابن خلدون:

وأمّا العلوم العقلية التي هي طبيعية للإنسان من حيث إنه ذو فكر، فهي غير مختصة بملة، بل يوجد النظر فيها لأهل الملل كلهم، ويستوون في مداركها ومباحثها، وهي موجودة في النوع الإنساني منذ كان عمران الخليقة، وتسمى هذه العلوم علوم الفلسفة والحكمة

 - وأهل الحكمة يقسمونها قسمين:

١- حكمة عملية: وهي العلم بما يؤدي إلى إصلاح المعاش والمعاد والعمل به.

٢- حكمة نظرية: المقصود منها ما حصل بالنظر.

ويقول الشهرزوري:

وإذا كانت الحكمة عبارة عن معرفة أعيان الموجودات على ما هي عليها لا غير، فالأسماء تختلف بحسب اختلاف طرق التعليم، فإن أدركها بعضهم بزمان يسير من غير تعلّم بشري، وكان مأمورا من الملأ الأعلى بإصلاح النوع الإنساني سمّيت نبوّة، وإن كان بالتعلم والدراسة سمّيت فلسفة.

وفي الحقيقة الحكيم المطلق هو الله تعالى، وكلّ من أدرك من المعقولات نصيبا سمّي على سبيل التجوّز والاستعارة حكيما لدنوّه من الله تعالى وتشبّهه به

 - وأمّا حكمة الإشراق فهي من العلوم الفلسفية بمنزلة التصوف من العلوم الإسلامية، كما أنّ الحكمة الطبيعية الإلهية بمنزلة الكلام منها.

وبيان ذلك أنّ السعادة العظمى والمرتبة العليا للنفس الناطقة هي معرفة الصانع بما له من صفات الكمال، والتنزّه عن النقصان.

والطريق إلى هذه المعرفة من وجهين:

١- طريقة أهل النظر والاستدلال، ٢- وطريقة أهل الرياضة والمجاهدات.

والسالكون للطريقة الأولى إن التزموا ملة من ملل الأنبياء فهم المتكلمون، وإلا فهم الحكماء المشاءون.

والسالكون للطريقة الثانية إن وافقوا في رياضتهم أحكام الشرع فهم الصوفية، وإلا فهم الحكماء الإشراقيون.

وعلوم الفلسفة والحكمة سبعة:

المنطق، وهو المقدّم، وبعده التعاليم فالارتماطيقي أولا ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الإلهيات.

- وأكثر من عني بها من الأجيال فارس والروم.

ولما فتح المسلمون بلاد فارس، وأصابوا من كتبهم، كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في شأن كتبها، وتنفيلها للمسلمين، فكتب إليه عمر أن اطرحوها في الماء، فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله، فطرحوه في الماء أو في النار فذهبت علومهم.

ولم تدخل في الصدر الأول في علوم المسلمين، وصانهم الله عنها.

وأمّا الروم فكان لهذه لعلوم عندهم شأن عظيم، ويزعمون أن سند تعليمهم يتصل بلقمان الحكيم.

ولما ظهر الإسلام بعث أبو جعفر المنصور إلى ملك الروم أن يبعث إليه بكتب التعاليم مترجمة، فبعث إليه بكتاب إقليدس وبعض كتب الطبيعيات، وقرأها المسلمون واطلعوا على ما فيها، ولما تولّى الخلافة المأمون كتب إلى بعض ملوك النصارى يطلب منه خزانة كتب اليونان، وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد، فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي واستشارهم في ذلك، فكلهم أشار إليه بعدم تجهيزها إليه إلا واحدا، فإنه قال: جهزها إليهم، فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها وكان الشيخ ابن تيمية يقول: ما أظن أن الله يغفل عن المأمون، ولا بد أن يقابله على ما اعتمد مع هذه الأمة من إدخاله هذه العلوم الفلسفية بين أهلها.

وأول من أدخل الفلسفة الأندلس أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم، كان يشبّه بالمأمون العباسي في طلب الكتب الفلسفية.