كتاب التفسير والتأويل في القرآن - الفصل الأول التفسير والتأويل في اللغة والاصطلاح (المبحث الثاني: التأويل في اللغة والاصطلاح(التأويل في اللغة))

كتاب التفسير والتأويل في القرآن - الفصل الأول التفسير والتأويل في اللغة والاصطلاح (المبحث الثاني: التأويل في اللغة والاصطلاح(التأويل في اللغة))
120 0

الوصف

                                                      الفصل الأول التفسير والتأويل في اللغة والاصطلاح 

                                                (المبحث الثاني: التأويل في اللغة والاصطلاح(التأويل في اللغة))

التأويل مصدر علي وزن «تفعيل» وفعله الماضي رباعي، وهو «أول»، تقول: «أوّل يؤوّل، تأويل».

وجذر الكلمة الثلاثي هو: أول. قال الإمام ابن فارس عن «أول»: «أول» أصلان، هما: ابتداء الأمر، وانتهاؤه.

من استعماله في الابتداء قولك: الأوّل، وهو مبتدأ الشيء. ومؤنثة: أولي. وجمعه: أوائل.

ومن استعماله في انتهاء الأمر: الأيل. وهو الذكر من الوعول. وسمي أيّلا لأنه يؤول إلي الجبل، وينتهي إليه، ليتحصّن به. وقولهم: آل بمعني: رجع. ولهذا قالوا: أوّل الحكم إلي أهله. أي أرجعه، وردّه إلي أهله.

و: الإيالة هي السياسة. لأنّ الرعية ترجع الأمور وتعيدها وتردّها إلي راعيها. وقولهم: آل الحاكم رعيته: إذا أحسن سياستها.

و: آل الرجل: أهل بيته. وسمّوا بذلك لأنّ مرجعهم ومآلهم في الانتهاء إليه، كما أن مرجعه ومآله إليهم لأنهم ابتداؤه!! ومن هذا الباب- الأول بمعنى الانتهاء والمرجع- قولهم: تأويل الكلام.

وهو عاقبته، وما يؤول وينتهي إليه. إنّ ابن فارس يري أن «الأول» أصل في الابتداء والانتهاء.

وفي الحقيقة نري أنّ هذين الأصلين متقاربان جدا، وكأنهما أصل واحد. لأنّ كلا منهما طرف في الأمر، فالأول بدايته، والأخير نهايته، وهو موصول بين نقطتي البداية والنهاية! إنّ الأول ينتهي إلي الأخير. وإنّ الأخير متصل بالأوّل. فالابتداء والانتهاء يلتقيان علي هذا الأساس، ويدلان علي المرجع والانتهاء.

وقال الامام الراغب الأصفهاني في المفردات عن «الأول»: الأول: الرجوع إلي الأصل. ومنه «الموئل»: وهو الموضع الذي يرجع اليه.

والتأويل هو: ردّ الشيء إلي الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا. ومن ردّ الشيء إلي غايته في العلم قوله تعالى: (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (٢)).

ومن ردّ الشيء إلي غايته في الفعل قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ، يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ، قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ (٣)).

وقوله تعالى:( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ، فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ والرَّسُولِ، إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ، ذلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٤)).

قيل إنّ معناه: أحسن معنى وترجمة. وقيل: أحسن ثوابا في الآخرة. والأول: السياسة التي تراعي مآلها. وتلاحظ نهايتها.

عبارة الراغب في معنى «الأول» أكثر دقة وضبطا. وهو: الرجوع إلي الأصل. 

وعبارته في معنى التأويل أيضا جامعة ودالة علي المطلوب، فهو: ردّ الشيء إلي الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا.

أما كلام ابن منظور في لسان العرب عن التأويل والأول، فإننا ننتقي منه هذه العبارات الموجزة:

الأول: الرّجوع. و: آل الشيء يؤول مآلا: إذا رجع وعاد.

 وأوّل الكلام وتأوّله: إذا دبّره وقدره وفسّره.

ويقال: ألت الشيء: إذا جمعته وأصلحته،

 فكأنّ التأويل هو: جمع معاني ألفاظ أشكلت، بلفظ واضح لا إشكال فيه.

والتأويل: المرجع والمصير. مأخوذ من: آل إلي كذا: أي: صار إليه .