كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية (أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة)

الوصف
الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية
(أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة)
كيفَ حَرَّمَ اللهُ الخمرَ في الدنيا، وأَباحَها للمؤْمنين في الجَنَّة؟ اعتبرَ الفادي هذا تَناقُضاً في القرآن.
ذَكَرَ الآيةَ التي حَرَّمت الخمرَ في الدُّنيا، وهي قولُ اللهِ - عز وجل - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)) .
وذَكَرَ مُقابِلَها الآيةَ التي أَباحت الخمرَ في الآخرة، وهي قولُ اللهِ - عز وجل -: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى..) وذكر بجانبها قوله تعالى عن شرب المؤمنين الخمر فىِ الجنة، وهي قوله تعالى: (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)) .
ولا تَناقُضَ بين حديثِ القرآنِ عن حرمةِ الخمرِ في الدنيا وإِباحتِها في الآخرة، لأَنَّ خمرَ الدنيا ليستْ كخمر الجَنّة.
خمرُ الدنيا من أَسلحةِ الشيطانِ في إِغواءِ وإِفسادِ الناس، وإِيقاعِ - العَداوةِ والبغضاءِ بينهم، قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)) .
وخمرُ الدنيا تذهبُ بعقولِ شاربيها، فعندما يَسكرونَ يَفقدونَ السيطرةَ على أَقوالِهم وأَفعالهم، ولذلك حَرَّمَها اللهُ على الناس.
وخمرُ الجنة منزهةٌ عن هذه العيوبِ والمفاسد، فلا سُلطانَ للشيطانِ عليها في الجنة، وهي لا تَغتالُ عُقولَ شاربيها المؤمنين، قال تعالى: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧)) .
وقال تعالى: (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣)) .
فالخمرُ السيئةُ التي حَرَّمَها اللهُ في الدنيا أُمُّ الخبائث، وهي غيرُ الخمرِالطيبةِ التي أَباحَها اللهُ للمؤمنينَ في الجنة.
فلا تَناقُض بين حرمةِ هذه وإِباحةِ تلك!!.