كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية (ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله)

الوصف
الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية
(ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله)
زعمَ الفادي الجاهلُ أَنَّ القرآن متناقِضٌ في حديثِه عن مقاديرِ الأَيامِ عند الله، فما مقدارُ اليوم، هل هو أَلْفُ سنة، أم هو خمسونَ أَلْفَ سَنَة؟!.
هناك آية تُخبرُ أَنه أَلْفُ سنة، قال تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)) .
وهناك آية أُحْرى تخبرُ أَنه خمسونَ أَلفَ سنة، قال تعالى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)) .
لا تتحدثُ الآيتانِ عن يومٍ واحد، حتى يُظَنَّ التناقضُ بينَهما وإِنما تتحدثانِ عن يومينِ مختلفَيْنِ في المقدار: اليومُ الأولىُ مقدارُه أَلْفُ سنة مما نَعُدُّهُ نحن البَشَر.
واليومُ الثاني مقدارُه خمسونَ أَلْفَ سنة. وحتى نفهمَ التفاوتَ بين ذَيْنِكَ اليومَيْن، نتذكَّرُ تفاوُتَ أَيامِنا في الدنيا، فمن المعلومِ أَنَّ النهارَ في الشتاءِ يكونُ قصيراً، ما بينَ شروقِ الشمسِ وغروبها، لكنَّ هذا النهارَ في الصيفِ يكونُ طويلاً قد يزيدُ سبعَ ساعاتٍ على نهارِ الشتاء.
فإِذا كانَتْ أَيامُنا القصيرةُ متفاوتةً في الطول والمقدار، أَفلا تكونُ الأَيامُ عندَ الله متفاوتةً في ذلك؟.
الذي يَعْرُجُ إِلى الله هو الأَمْرُ الذي يُدَبِّرهُ الله، ويُنزلُه على الأَرض، ويكونُ عروجهُ إِليه في يومٍ مقدارُه أَلْف سنةَ، مما يَعُدُّهُ البشرُ من السنوات.
أَمّا عُروجُ الملائكةِ والروحِ إِلى الله، فإِنه يكونُ في يومٍ مقدارُه خمسونَ أَلْفَ سنة، ليستْ مما نَعُدُّ من السنواتَ.
ولذلك لم تَقُلْ آيةُ سورةِ المعارج: في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ أَلْفَ سنةٍ مما تَعُدّون.
كما قالَتْ آيةُ سورةِ السجدة!. إِنهما يومانِ مُختلفان، مُتفاوتانِ في المقدار، وفي كل منهما عروجٌ يختلفُ عن العروجِ في اليومِ الآخَر، فعُروجُ الأَمْرِ إِلى الله يومُه أَقْصَرُ من يومِ عُروجِ الملائكة، ولذلك ذُكِرَ عَدُّ سَنَواتِ البشرِ في اليومِ الأَقْصَر، ولم يُذْكَرْ في اليومِ الأَطول.