كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية (حول الإعداد للأعداء)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية (حول الإعداد للأعداء)
163 0

الوصف

                                                    الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية 

                                                           (حول الإعداد للأعداء)

اعترضَ الفادي على قولِ اللهِ - عز وجل -: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٦٠)) .

وأَخَذَ من تفسير البيضاوي بعضَ ما قالَه في تفسيرِ الآية، وهي تأمرُ المسلمينَ بإِعدادِ كلّ ما استطاعوا إعدادَه من قوةٍ وسلاحٍ لمواجهةِ أَعداءِ اللهِ  وأَعدائِهم، ومنْعِ عدوانِهم.

وعلَّقَ على ذلك بقولِه: " ونحنُ نسأل: كيفَ يأمُرُ القرآنُ بحملِ السلاحِ، والاستعدادِ للغزوِ والفَتْحِ في سبيلِ الله، فَتُزْهَقُ أَرواحُ البَشَر، وتُنْهَبُ الأَموالُ في سبيلِ الدين، وقَهْرِ الناسِ على قَبولِه؟

إِنَّ السيفَ هو حُجَّةُ الذي لا يَحتملُ المناظرة "!. لا يُريدُ الفادي المفترِي من القرآنِ أَنْ يُوَجِّهَ المسلمين إِلى حَمْلِ السِّلاحِ لقتالِ ألأَعداء المحاربين، الطّامعين في بلادِ المسلمين وأَموالِهم، لأَنه يُريدُ أَنْ يُواجِهَ المسلمونَ العُدوان بالاستسلام، والحربَ بالسَّلام، وإِذا ما قاتَلَهم أَعداؤُهم كَفّوا أَيديهم عنهم! وعلى القرآنِ أَنْ يَكونَ كتابَ محبة، يأمُرُالمسلمين بفتْحِ قُلوبِهم وأَيدِيهم لأَعدائِهم!!.

لن يكفَّ الأَعداءُ عن الطمعِ في المسلمين، والتآمر عليهم، وتَحَيُّنِ الظرفِ المناسبِ لقتالِهم، والهجومِ عليهم، واحتلالِ بلادِهم.

وقد سَجَّلَ التاريخُ الإِسلاميُّ الشواهدَ العمليةَ الكثيرةَ على مصداقيةِ هذه الحقيقة، ولم تَخْلُ فترةٌ من حربِ الأَعداءِ ضدَّ المسلمين، في صورةٍ من صورِ الحربِ العديدة.

وإِنّ ما يقولُه الفادي المفترِي في اعتراضِه على الآية لا يَتفقُ مع المنطق! إِنَّ أَيةَ أُمةٍ - مهما كان دينُها - تَقفُ أَمامَ أعدائِها الطامعين فيها، والمحاربينَ لها؛ لَأَنَّ الدفاعَ عن النفسِ والمالِ والأَرض، وصَدَّ عُدوانِ المعتدين، فطرةٌ إِنسانية، فَطَرَ اللهُ الناسَ عليها، ولا تبديلَ لهذه الفطرة.

مَنْ هم الذينَ أَمَرَ اللهُ المسلمين بمواجهتِهم؟ إِنهم أَعداؤُهم: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) .

إِنَّ إِعدادَ السلاحِ والقوةِ للأَعْداء واجب، والأَعداءُ هم الكفارُ الذين يُعادونَ المسلمين، ويتآمرون عليهم، ويُخَطّطونَ لقتالِهم، ويَقِفُونَ أَمامَ دينهم، والهدفُ من هذا الإِعدادِ هو " إِرهابُ " أولئكِ الأعداء، وتخويفُهم وردْعُهم، ليتوقَّفوا عن مخططاتِهم..

و" إِرهابُ " أَعداءٍ آخرين، يتهيَّؤُون للهجومِ على المسلمين. لم يكن هدفُ المسلمين من التسلحِ والاستعدادِ غزوَ الكفار، واحتلالَ بلادِهم، وإِزهاقَ أَرواحِهم، ونَهْبَ أموالِهم، وِإكرا هَهم على الدخول في الإِسلام، كما قال الفادي المفترِي.

وصحيح أَن السيفَ هو حجةُ الذي لا يَحْتملُ المناظرة، وِإنّ الإِسلامَ يُقَدِّمُ نفسَه بالحُجةِ والبرهان، ويَدخلُ إِلى العقولِ والقلوب.

والمسلمون مأمورون بالدعوةِ إِلى اللهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، فهذا هو الأَصلُ في الدعوةِ إلى الله. فإذا ما وقفَ الظالمونَ الكافرونَ أَمامَ الدعاةِ إِلى اللهِ بالحجةِ والحكمةِ والمنطق، وفَتَنوهم وَعذَّبوهم وقَتَلوهم، فلن يقفَ المسلمون ساكتينَ على هذا العدوان، وسينتَصرون لإِخوانِهم الدعاة، وسيُواجهون أُولئك الأَعداءَ.

فالإِعدادُ والاستعدادُ إنما هو للأَعْداء المقاتِلين المعْتَدين، وليس للشعوبِ المسالمةِ الوادعة، التي تَكُفُّ أَيْدِيَها عن الدعاةِ، المبلِّغين لدينِ الله!.