كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية (اعتراض على الصلوات الخمس)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية (اعتراض على الصلوات الخمس)
129 0

الوصف

                                                    الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية 

                                                      (اعتراض على الصلوات الخمس)

أَمَرَ اللهُ المسلمينَ أَنْ يُصلّوا خمسَ صَلواتٍ في اليومِ واللَّيلة، وحَثَّهم على المحافظةِ عليها في القرآنِ.

قال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)) . والصلاةُ الوسْطى المذكورةُ في الآيةِ هي صَلاةُ العصر، لِما وَرَدَ في ذلك عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

واعترضَ الفادي الجاهلُ على تكليفِ المسلمينَ بالصلواتِ الخمس. قال: " ونَحنُ نَسْأَل: ما فائدةُ الصلواتِ المتكررةِ يوميّاً خمسَ مَرّات، وأُسبوعيّاً وشهريّاً وسنويّاً، وإِلى ما شاءَ اللهُ في الحياة، بدونِ زيادةٍ ولا نُقصان؟

إنَّ الصلاةَ تَعبيرٌ متجددٌ لمشاعرِ الإِنسانِ نحوَ الله. قال المسيح: وحينَما تُصلّونَ لا تُكَرِّروا الكلامَ باطلاً كالأُمم، فإِنهم يَظُنُّونَ أَنه بكثرةِ كلامِهم يُستجابُ لهم، فلا تَتَشَبَّهوا بهم ".

إِنَّ هذا الجاهلَ يَرى أَنه لا فائدةَ من أَداءِ خَمْسِ صلواتٍ يوميّاً، حتى انتهاءِ العمر؟ لأَنه لا تَجديدَ فيها، ولا تَفاعُلَ معها، ولا بُدَّ أَنْ تُجَدِّدَ الصلاةُ مشاعرَ الإِنسان.

ولم يَذكر لنا الجاهلُ المفترِي كيفَ يُصَلّي هو - وأَهْلُ مِلَّتِه من النصارى، وكيفَ يُجَدِّدُ هو وأَهْلُ مِلَّتِه مشاعِرَهم نحو الله، وهل يَجْتَهدون ويُغَيِّرونَ ويُبَدِّلونَ في صَلاتِهم، بهدفِ تَجديدِ مشاعرِهم، أَم أَنهم يَستمرون على الكيفيةِ التي تَعَلَّموها؟!.

إِن الصلاةَ عند المؤمنين عِبادةٌ وذكر لله، وتوثيقٌ لصلتِهم بالله، وهي ليستْ صلاةً جامدة، تُؤَدّى بطريقةٍ روتينيةٍ رَتيبة، وإِنما يَتفاعلُ المؤمنُ بها وهو يُؤَديها، وينشطُ لها، ويَسعدُ وهو يُناجي اللهَ فيها! 

صحيحٌ أَنه لا يَجوزُ التغييرُ والتبديلُ والزيادةُ والنقصانُ في أَوقاتِها وأَعدادِها وأَركانِها وأَدائِها، لكنَّ التجديدَ في النظرةِ لها، والتفاعلَ في أَدائِها، وفي الحالةِ الإِيمانيةِ العاليةِ أَثناءَ أَدائِها، وفي الثمراتِ والنتائجِ التي تُؤْخَذُ منها.

ويَكفينا قولُ اللهِ تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)) .

ولذلك كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذا حَزَبَه أَمرٌ فَزعَ إِلى الصلاة.. وكانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: " أَرِحْنا بها يا بِلال ".

ولمعرفةِ فَضْلِ الصلواتِ الخمسِ نتذكَّرُ ما رواهُ البخاريُّ ومسلم عن أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: " أَرأَيْتُم لو أَنَّ نهراً ببابِ أَحَدِكم يَغتسلُمنه كلَّ يومٍ خمسَ مَرّات، هل يَبْقى من دَرَنه شيء؟ قالوا: لا يَبْقى من دَرَنه شيء.. قال: فكذلك مَثَلُ الصلواتِ الخمس، يَمحو اللهُ بهنَّ الخطايا ".

وإِنَّ اللهَ العليمَ الحكيمَ أَوجبَ علينا الصلواتِ الخمس، وجعلَ الصلاةَ ركناً مهمّاً من أَركانِ الإِسلام؟ لأَنه يَعلمُ آثارَ الصلاةِ الإيجابيةَ في الشخصيةِ الإِسلامية.

قال تِعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ) .

وبهذا نَعرفُ سَفَهَ الفادي عندما اعترضَ على الصلواتِ الخَمْس، وجعلَ عنوان اعتراضِه استفزازيّاً: " تِكرارُ الصَّلاةِ باطلٌ "!!.