كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية (توجيه تفضيل الرجال على النساء)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية (توجيه تفضيل الرجال على النساء)
125 0

الوصف

                                                    الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية 

                                                      (توجيه تفضيل الرجال على النساء)

ذَكَرَ الفادي آيَتَيْنِ تَتَحَدَّثانِ عن الصلةِ بينَ الرجالِ والنِّساء. هما قولُه تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) .

وقولُه تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) .

ونَقَلَ كَلاماً للبيضاويِّ في تفسيرِ الآيَتَيْن، وبيانِ معنى القوامةِ والدرَجة، وأسبابِ ذلك.

ثم عَلَّقَ على ذلك مُخطِّئاً القرآنَ والإسلام، فقال: " ونحنُ نَسأل: لماذا يَهْضِمُ الإِسلامُ حُقوقَ المرأة، فيعتبرُ من حَقِّ الرجلِ أَن يَملكَ نفسَها، بينما لا تمتلكُ المرأةُ إِلّا نَصيباً منْ مالِه؟ الطبيعيُّ أَنْ يكونَ جسدُ الرجلِ مِلْكَ المرأة، وجَسَدُ المرأةِ مِلْكَ الرجُل، ولماذا يستبدُّ الرجلُ بالفِراق، ولا يُسمحُ للمرأَةِ بالفراق إِذا رَأَتْ ذلك، في حالةِ خيانتِه، وإِنْ كانَ من العيبِ أَنْ تَضربَ المرأةُ الرجلَ، فلماذا تَسمحُ الشريعةُ الإِسلاميةُ للرجلِ أَنْ يَضربَ المرأة؟ "

يَجِبُ أَنْ نُفرقَ أَوّلاً بينَ القوامةِ والتَّفْضيل، فالقوامَةُ منزلةٌ دنيوية، تَقومُ على المسؤوليةِ لمواهبَ وقُدُرات، أَمّا التفضيلُ فهو منزلةٌ دينية إِيمانية، يَرتفعُ بها صاحِبُهَا عندَ الله.

لقد جعل اللهُ القوامةَ في الدنيا للرجالِ على النِّساء، بمعنى أَنه أَعطى وذَكرت الآيةُ سَبَبَيْن لجعْلِ القوامةِ للرجال:مسؤوليةَ إِدارةِ الأُسرةِ والبيتِ للرجُل، فهو صاحبُ القِوامةِ والمسؤوليةِ والقيادةِ والحكمِ في هذه المؤسسة . 

وذَكرت الآيةُ سَبَبَيْن لجعْلِ القوامةِ للرجال: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)

السببُ الأوَّل: ما منحهُ اللهُ للرجالِ من مواهبَ وطاقاتٍ خاصّة، تَمَيَّزوا بها عن النساء، تُؤَهِّلُهم للقيامِ بواجبِ القوامة، وإِدارةِ شُؤونِ الأُسْرَة، وفَضَّلَهم اللهُ بهذه المواهبِ تَفْضيلاً دُنيوياً.

السببُ الثاني: ما أَوجبهُ اللهُ على الرجال من إِنفاقِ الأَموالِ على مُؤَسَّسةِ الأُسْرَة، فالإِنفاقُ واجبٌ على الرجل، ولا يَجبُ على امرأَتِه أَنْ تُنفقَ شيئاً ولو كانتْ تملكُ المالَ الكثير.

وكونُ القوامةِ الدنيويةِ بيدِ الرِّجالِ لا يَعْني أَنَّ جِنْسَ الرجالِ أَفْضلُ من جنس النساءِ عندَ الله، فأَساسُ التفضيلِ عندَ الله ليس الجنسَ أَو اللون، إِنما هو الإِيمانُ والتقوى، كما قالَ الله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ،فإذا كانت المرأةُ صالحةً تقيةً كانتْ أَفضلَ عندَ الله من زوجِها غيرِ التَّقِيّ، أَو الأَدنى منها في التقوى.

وقد جَعَلَ اللهُ للرجال على النساءِ درجةً، بعدَما ساوى بينهما في الحقوق والواجبات، وذلك في قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) .

والدرجةُ التي للرجال على النساء مرتبطةٌ بالقوامة، فالذي له القِوامَةُ له على الطَّرف الآخر درجة.

فهذه الدرجةُ دنيوية، متعلِّقَةٌ بدفعِ المهر والنفقة وغيرِ ذلك من الأُمورِ الماليةِ الدنيوية، والدرجةُ الدنيويةُ لا تَعْني الدرجةَ الدينيةَ عند الله، فقد تكونُ المرأةُ أَعْلى درجةً عند الله من زوجها لتَقْواها.

وقد أَكرمَ الإِسلامُ المرأةَ عندما نَصَّ على أَنَّ لها على زوجِها حقوقاً، مثلَ ما عليها له من واجبات: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) .

وبعدَ هذه الآيةِ الصريحةِ يأتي شَخْصٌ جاهِلٌ مثْلُ هذا الفادي، ليقول: لماذا يَهضمُ القرآنُ حُقوقَ المرأة؟.

وإِنَّ الأَسئلةَ التي يَطرحُها الفادي دالَّةٌ على جَهْلِه وغَبائِه، فهو يَقول: لماذا يَملكُ الرجلُ المرأَةَ بينما هي لا تملِكُه، إِنما تَملكُ جُزْءاً من مالِه؟

وإِذا كان قَصْدُه من سؤالِه مِلْكَ الأَمْرِ والنهي والمسؤولية، فإِنَّ هذا مرتبطٌ بالقِوامة، ومؤسسةُ الأُسرةِ لا بُدَّ لَها من مسؤولَ، والمسؤوليةُ للرجل، والمرأةُ تابعةٌ له في المؤَسَّسة، وهذا لا يُنقصُ منزلَتَها، إِنما هو شَرَفٌ لها.

وإِذا كان قَصْدُهُ مِلْكَ التَّلَذُّذِ والاستمتاعِ وقَضاءِ الشهوة، فكلٌّ منهما يملكُ جَسَدَ الآخَر، الرجلُ يَملكُ جَسَدَ المرأةِ ويتلَذَّذُ ويَستمتعُ بها، وهي تملكُ جَسَدَهُ وتتلذذُ وتستمتعُ به، مع أَنَّ الرجلَ صاحبُ القوامةِ والدرجةِ الدنيوية.

ويُطالبُ الفادي الجاهلُ أَنْ يَكونَ الطلاقُ والفراقُ بيدِ المرأة، مثلَ ما هو بيدِ الرجل! وهذا خلافُ الفطرةِ وسُنَّةِ الحياة! فالذي يتزوجُ هو الذي يُطَلّقُ، والذي يَدفعُ مهرَ الزواجِ هو الذي يَدفعُ نفقةَ الطلاقِ، وصاحبُ القوامةِ في مؤسسةِ الأُسْرَةِ هو الذي يُطَلِّقُ ويُفارقُ، ويَدفعُ ثَمَنَ فِراقِهِ وطَلاقِه .

أَما انتقادُ الفادي في آخرِ كلامِه مبدأَ ضرْبِ الرجلِ لامرأتِه فقد سبقَ أَنْ ناقَشْناه فيه، وَوَجَّهْنا الأَمْرَ، وبَيّنّا حكمتَه وصَوابَه!.