كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية (كم قلباً للإنسان؟)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية (كم قلباً للإنسان؟)
113 0

الوصف

                                                   الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية

                                                            (كم قلباً للإنسان؟)

اعترضَ الفادي على آيةٍ جمعَتْ قلْبَي امرأَتَيْن، وعَنْوَنَ لاعتراضِه بقولِه: " أَتى باسم جَمْعٍ بَدَلَ المثَنّى ".

ومما جاءَ في اعتراضِه قولُه: " جاء في سورةِ التحريم: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) ، والخطابُ (كما يقولُ البيضاوي) موجَّهٌ لحفصةَ وعائشة.

فلماذا لم يَقُلْ: " صَغت قَلْباكما "، بَدَلَ (صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) ، إذ إِنَّه ليسَ للاثنتَيْن أَكثرُ من قَلْبَيْن؟ ".ْ تَتحدَّثُ الآياتُ عن مشكلةٍ وَقَعَتْ بينَ ثلاثةٍ من أُمَّهاتِ المؤمنين، هُنَ: 

حفصةُ وعائشةُ وزينبُ رضي الله عنهن، حيث تآمَرَتْ حفصةُ وعائشةُ على زينب، وأَشاعَتا حديثاً لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهدَّدَهما اللهُ بالعقاب، ودَعاهما إلى المسارعةِ إِلى التوبة.

قال تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (٤)) .

والذي أَثارَ اعتراضَ الفادي إِسنادُ القلوبِ للاثنَتَيْن: حفصةَ وعائشةَ رعِيهنما: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) .

وإذا كان لكلِّ واحدةٍ قلبٌ واحد، فكان المتوقَّعُ أَنْ يُعَبِّرَ بالمثنى، فيقول: فقد صَغَا قَلْباكما! ولذلك خَطَّأَ الفادي القرآن؟

لأَنه ذَكَرَ الجمعَ بَدَلَ المثَنّى!.

وحكمةُ العُدول عن المثنى إلى الجمع: (قُلُوُبكُمَا) هي الرغبةُ في التخفيف والتسهيل، وكراهةُ اجتماعِ مُثَنَّيَيْن، فلو قالَ: " قلباكما " لاجتمعَ مُثَنَّيان: الاسْمُ البارزُ " قَلْبا "، وضميرُ التثنيةِ ص المضافُ إِليه " كُما ".

والكلمةُ ثَقيلةٌ في النطق، وثَقيلةٌ على الأُذُن، فَعَدَلَ إِلى الجَمْع (قُلُوبُكُمَا) طَلَباً للخِفَّة. والقاعدةُ النحويةُ تُقَرِّرُ أَنه إِذا أُضيفَ المثَنَّى إِلى المثَنّى، فإِنَّ المثَنى الأَوَّلَ المضافَ يَصيرُ جَمْعاً للتخفيف: تقول: قلوبُكما، بَدَل: قَلْباكُما.

وتقول: بيوتُكُما، بَدَل: بَيْتاكُما، وتقول: رؤوسُكما، بَدَل: رأَساكُما!!. وتقول: بيوتُكُما، بَدَل: بَيْتاكُما، وتقول: رؤوسُكما، بَدَل: رأَساكُما!!. الاثنين، لأَنَّ أَقَل الجمع اثْنان!.

وعندما يَقرأُ القارئُ قولَ الله: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) علم أَنَّ المرادَ قَلْبان وليسَ قُلوباً، لأَنَّ الخِطابَ لاثنَتَيْن، وبذلك أُمِنَ اللَّبسُ.

وهذه المعاني لا يَعرفُها الفادي الجاهلُ في اللغة، ولذلك اعترضَ على القرآنِ في استعمالِه الأَفصحَ والأَبلغَ.