كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية (هل يجمع الاسم العلم؟)
الوصف
الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية
(هل يجمع الاسم العلم؟)
ذَهَبَ الفادي إِلى أَنَّ القرآنَ جَمَعَ اسْمَ العَلَمِ المفردَ الأَعجميّ، وهذا لا يَجوزُ في اللغة، ولذلك خَطَّأَ القرآنَ.
قال: " جاءَ في سورةِ الصافات: (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢)) .
(سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) فلماذا قال: (إِلْ يَاسِينَ) بالجمع عن " إِلياس " المفرد؟ فمِنَ الخَطَأِ لغويّاً تَغييرُ اسمِ العَلَمِ حُبًّا في السَّجْعِ المتَكَلَّف.
وجاءَ في سورةِ التين: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)) .
فلماذا قال: (سِينِينَ) بالجمعِ عن سيناء؟ فمِن الخطأ لغويّاً تَغييرُ اسْمِ العَلَمِ حُبًّا في السَّجْع المتكَلَّف؟ ".
(إِلْ يَاسِينَ) في نظرِ الفادي جمعُ الاسْمِ الأَعجميِّ " إِلياس ". و (سِينِينَ) جمعُ الاسمِ الأَعجميّ (سَيْنَآء) ، فهل هذا صحيح؟.
نَقفُ أَمامَ كلمةِ (إِلْ يَاسِينَ) أَوَّلاً. في كلمةِ (إِلْ يَاسِينَ) قراءَتان صحيحتان: الأُولى: قراءةُ نافع وابنِ عامر: " سلام على آل ياسين ".
بإضافة " آل " إِلى " ياسين ". و" ياسين " هو " إِلْياس ".
و" آل ياسين " هم أَتَبْاعُهُ المؤمنون الذين آمَنوا به ودَخَلوا في دينِه.
والسَّلامُ على آلِ ياسين سَلامٌ على إِلْياس نفسِه، لأَنَّه هو السببُ في هدايتِهم!.
الثانية: قراءةُ عاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وأبي عمرو: (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) بكسْرِ الأَلفِ وسكونِ اللّام.
و (إِلْ يَاسِينَ) ليس جمعَ إِلْياس، وإِنما هو لغةٌ ثانيةٌ في " إِلْياس "، تقول: إِلْياس وإِلْياسين، كما نقول: إِسماعيل وإِسماعين، وجبرائيل وجبرائين، وميكائيل وميكائين، وإِسرائيل وإِسرائين.
فتُقْلَبُ اللامُ نوناً في هذه الأَسماءِ بهدفِ التسهيل. وفي إِلْياس، أُضيفَتْ له الياءُ والنونُ للتسهيلِ وليس للجمع.
وقد يُرادُ بكلمةِ (إِلْ يَاسِينَ) آلُ إِلياس الذين آمَنوا به واتَّبعوه. وعلى هذا تكونُ (إِلْ يَاسِينَ) جمع، مفردُه " إِلْيَاسِيٌّ " بياءِ النِّسْبَة. تقول: إِلْياس.
وعندما تَنْسِبُ إِليه مَن اتبعَه تقولُ: إِلْياسِيٌّ. كما تقول: شافِع، ومع الياء تقول: شافِعِيّ. وجمعُ " إِلْياسِيّ ": " إِلْياسِيّون " بالياءِ المشَدَّدَة.
كما تقول في "شافِعيّ " شافِعِيّونَ". ثم حُذِفَتْ إِحدى الياءَيْنِ للتَّسهيل، فصارت الكلمةُ " إِلْياسون " وعندما جُرَّتْ بحرفِ الجَرِّ صارَتْ: (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) .
والمرادُ بكلمةِ (إِلْ يَاسِينَ) على هذا التوجيه " آل إِلْياس "، فآل إِلياس هم " إلْياسون "، وهم المؤمنونَ به أَمَّا (وَطُورِ سِينِينَ) : فهو اسْمٌ مكَوَّنٌ من جزأَيْن: (طُورِ) : وهو اسْمُ جَبَلِ الطورِ الذي ذُكِرَ عدةَ مراتٍ في القرآن، وهو الموجودُ في سيناء، وناجى عليه موسى - عليه السلام - رَبَّه.
و (سِينِينَ) : وهو اسْمٌ لصحراءِ سيناءَ المعروفة، التي تَفْصِلُ بينَ مصرَ وفلسطين.
وهي المرادَةُ في قوله تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠)) .
وبالجمعِ بينَ آيةِ سورةِ المؤمنون (طُورِ سَيْنَاءَ) وآيةِ سورةِ التين (وَطُورِ سِينِينَ) نعرفُ أَنَّ للصحراءِ الواقعةِ بينَ مصرَ وفلسطين اسْمَيْنِ في القرآن: سيناء، وسينين، والكلمتان أَعجميتان.
وبهذا نعرفُ أَنَّ القرآنَ لم يَجْمَع اسْمَ العلمِ الأَعجميِّ المفرد، لأَنَّ هذا لا يَجوزُ في اللغة، وأَنَّه لم يَفعلْ ذلك حُبًّا في السَّجْعِ المتكَلَّف، كما اتَهمه الفادي الجاهلُ بذلك!!