كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية (جزم فعل معطوف على منصوب)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية (جزم فعل معطوف على منصوب)

الوصف

                                                    الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية 

                                                     (جزم فعل معطوف على منصوب)

اعترضَ الفادي على تركيبِ وصياغةِ قولِه تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠)).

قال في اعتراضِه على الآية: " وكان يَجبُ أَنْ يُنْصَبَ الفعلُ المعطوفُ على المنصوب: " فَأَصَّدَقَ وأَكونَ ". أَيْ أَنَّ فعْلَ " أَكُنْ " معطوفٌ على فعْلِ " أَصَّدقَ " وبما أَنَّ المعطوفَ عليه منصوبٌ فيجبُ أَنْ يُنْصَبَ المعْطوف.ولذلك كان جَزْمُ المعطوفِ خَطَأً نحويّاً وَقَعَ به القرآن!! ".

في قولِه: (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) قراءتان صحيحتان: الأُولى: قراءةُ أَبي عَمْرو البَصْري بِنصْبِ الفعلِ المعطوف: " فَأَصَّدَقَ وأَكونَ "، وتوجيهُ هذه القراءةِ أَنَّ " أَكونَ " معطوفٌ على " أَصَّدَّقَ " منصوبٌ مثْلُه. لأَنَّ المعطوفَ على المنصوبِ منصوبٌ.

الثانية: قراءةُ القراءِ التسعةِ بجَزْمِ الفعلِ " أَكُنْ ". وهو ليس معطوفاً على " أَصَّدَّقَ " لأَنه لا يَجوزُ عَطْفُ المجزومِ على المنصوب. ولكنه معطوفٌ على مَحَلِّ " أَصَّدَقَ " الذي هو الجَزْم. لأَنه في معنى جوابِ الشرط، ففعْلُ " أَصَّدَّقَ " منصوبٌ لفظا لكنه مجزومٌ مَحَلًّا!.

إِنَّ فعْلَ " أَصَّدَّقَ " منصوبٌ بحرفِ " أَنْ " المصدريِّ المقَدَّر، وهو واقعٌ في جوابِ التمنّي، فالجملةُ هكذا: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) .

(يَأْتِيَ) : فعلٌ مضارعٌ مَنْصوبٌ بحرفِ " أَنْ "، و " يَقَول": مضارعٌ منصوبٌ لأَنه معطوفٌ على (يَأْتِيَ) . و (لَوْلَا) : حرفٌ للتَّمني. وجوابُ التَّمَنّي جملة: (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) .

والتقديرُ: لولا أَخَرْتَنى إِلى أَجَلٍ قريب فأَنْ أَصَّدَّق. ومع أَنَّ " أَصَّدَّق" منصوبٌ لَفْظاً بحرفِ " أَنْ "، إِلَّا - أَنه مجزومٌ مَحَلًّا، على أنه جوابُ الشَّرط، فالجملةُ للتَّمَنّي في الظاهر، لكنَّها جملةٌ شرطيةٌ في الحقيقة، والتقدير: إِنْ أَخّرتني إِلى أَجَلٍ قريبِ أَصَّدَّقْ. وعلى هذا يكونُ (أَكن) مجزوماً، َ لأَنه معطوف على مَحَلِّ "أَصَّدَّق".الذي هو جوابُ الشرطِ في الحقيقة، والتقدير: إِنْ أَخَّرْتَني إِلى أَجَلٍ قريبِ أَصَّدَّق، وأَكُنْ من الصالحين.

أَيْ أَنَّ الكافرَ يتعهَّدُ بفعْلِ أَمْرَيْن اثْنَيْن إِنْ أَخَّرَ اللهُ أَجَلَه: يتصدَّقُ في سبيلِ الله، ويكونُ من الصالحين.