كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية (التوحيد والتثليث والأقانيم)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية (التوحيد والتثليث والأقانيم)
177 0

الوصف

                                                     الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية 

                                                         (التوحيد والتثليث والأقانيم)

اعترضَ الفادي على الآياتِ التي تُبطلُ التثليث، وتُكَفِّرُ النَّصارى القائلين بأَنَّ اللهَ ثالثُ ثَلاثة.

والآياتُ التي ذَكَرَها هى قولُه تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (١٧١)) .

وقولُه تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣)) .

وقولُه تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ) .

تَنهى الآيةُ الأُولى النَّصارى عن الغُلُوِّ في دينِهم، وعن المبالغةِ في النظرِ إِلى عيسى - عليه السلام -، وتَدْعوهُم إِلى عَدَمِ تَأليهه، وعدمِ إِشراكِه مع الله، فإِنْ قالوا: الآلهةُ ثَلاثَة، كانوا كافِرين، وتُخبرُهم عن حقيقةِ عيسى - عليه السلام -، فهو رسولُ الله، وكلمتُه أَلْقاها إِلى مريم، فَحَمَلَتْ به ووضَعَتْه، وهو روحٌ من عندِ الله، جَعَلَها في جَسَدِه، فصارَ عيسى الرسول البَشَرَ - عليه السلام. وتُصرحُ الآيةُ الثانيةُ بكفْرِ النَّصارى الذين آمَنوا بالتَّثْليث، وقالوا: إِنَّ اللهَ ثالثُ ثلاثةِ آلِهة، هي: الله وعيسى وأمُّه مريم، أَو: اللهُ وعيسى وجبريل.

وتُخبرُ الآية ُ الثالثةُ عن السؤال الذي سيوجِّهُه اللهُ إِلى عيسى - عليه السلام - يومَ القيامة، حيث سيقول له: أَأَنْتَ قُلْتَ للناس: اتَّخذوني وأُمَيَ إِلهَيْنِ من دونِ الله؟ وسيتبرأُ عيسى - عليه السلام - ممن عَبَدوهُ وأَلَّهُوه.

وتَلتقي الآياتُ مع آياتٍ غيرها على تقريرِ وحدانيةِ الله، ونفيِ وُجودِ شركاءَ معه، وكُفرِ النَّصارى القائلين بالتثليث أَو الثالوث!.

يَعترضُ الفادي على هذه الآيات، وينكرُ كونَ النصارى قائِلين بثلاثةِ آلهة. 

قال: " يَتَّضحُ من هذه الآياتِ أَنَّ مُحَمَّداً سمعَ من بعْضِ أَصحابِ البدعِ من النَّصارى أَنه يوجَدُ ثلاثةُ آلهة، هم: اللهُ ومريمُ وعيسى، فَرَدَّ على هذه البدعة، وكَرَّرَ المرةَ بعدَ المرةِ أَنَّ اللهَ إِلهٌ واحد! ".

يعترفُ الفادي في هذه الفقرةِ بوجودِ فرقةٍ من النَّصارى يقولون: اللهُ ثالثُ ثلاثة، هم: اللهُ، ومريمُ، وعيسى، ويَعتبرُ هذه الفرقةَ النصرانيةَ مبتدعَة . وقد ذَكَرَ القرآنُ ذلك وأَبْطَلَه وكَذَّبَ قائِليه، وهذا ما ظَهَرَ واضحاً صريحاً في الآياتِ السابقة: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ... ) ، (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ... ) ، و (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... ) .

ويُصرحُ الفادي في عبارتِه بأَنَّ القرآنَ من تأليفِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليْس من عندِ الله، وذلك في قوله: "إن محمداً سمعَ من بعضِ أَصحابِ البدعِ من النَّصارى أَنه يوجَدُ ثلاثةُ آلهة. فَرَدَّ على هذه البدعة "! فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي سمعَ تلك البدعة بأُذُنَيْه، وهو الذي رَدَّ على تلك البدعة، وكَرَّرَ في القرآنِ المرةَ بعد الأُخرى أَنَّ اللهَ إِلهٌ واحد! فالكلامُ كلامُه والرَّدُّ رَدُّه، والقرآنُ من تأليفِه، وليس وحياً من عندِ الله مُنَزَّلاً عليه!!. مع أَنَّ الآياتِ صريحةٌ في أَنَّ اللهَ هو الذي أَخْبَرَ عن كُفْرِ النَّصارى وتَثْليثهم.

إِنَّ الفادي الجاهلَ يُشَبِّهُ الأَقانيمَ الثلاثةَ: الآبَ والابنَ والروحَ القُدُس، بالعقلِ والفكر والقول، ويُشَبِّهُها بالنار والنورِ والحرارة. وَوَجْهُ الشَّبَهِ هو التثليت والتميزُ، وعدمُ الانفصال، والتَّوَحُّد!. يريدُ الجاهلُ أَنْ يُقْنِعَنا أَنَّ العقلَ والفكرَ والقول، وأَنَّ النارَ والنُّورَوالحرارة، مِثْلُ اللهِ وعيسى وجبريل! صحيحٌ أَنَّ العقلَ والفكرَ والقولَ ثلاثُ صفاتٍ لموصوفٍ واحد، وهو ما يقولُه الإِنسان بعد تفكير، حيثُ يفكِّرُالإِنسانُ، ثم يُعملُ عَقْلَه، ثم يَنطقُ بما فَكّرَ به، وكأَنَّ القولَ يَمُرُّ بثلاثِ محطات: الفكرِ والعقلِ والفمِ.

وكَذَبَ المفترِي الفادي في اتِّهامِه للقرآنِ وتخطئتِه له، وصَدَقَ اللهُ القائل في القرآن: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) .. وصَدق اللهُ في نصحِه للنصارى قائلاً: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ) .