كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية (حول إباحة الغنائم)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية (حول إباحة الغنائم)
153 0

الوصف

                                                    الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية

                                                              (حول إباحة الغنائم)

الغنائمُ هي ما يأخذُه المجاهدون من الأَعداء المحاربين، عندما يَهزمونَهم، وهذه الغنائمُ تَشملُ الأَموالَ والسِّلاحَ والدّوابّ، ومختلفَ الأَشياءِ المنقولة.

وقد أَباحَ اللهُ للمجاهدينَ أَخْذَ تلك الغنائم، فقالَ تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)) .

وبَيَّنَ في القرآنِ كيفيةَ توزيعِ الغنائم، وذلك في قولِه تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)) .

واعترضَ الفادي على إِباحةِ الغنائمِ للمجاهدين، وذلك في قوله: " ونَحنُ نَسألُ: هل يَأمُرُ اللهُ بقَتْلِ النّاسِ ونَهْب أَموالِهم، ويَقولُ: إِنَّ هذا حلالٌ طَيّب؟ هل يُحَلّلُ اللهُ أَموالَ الغَيْرِ؟ ".

لم تَكن الغنائمُ مُباحَةً عندَ السابقين، كاليهودِ والنَّصارى، وعندما كانوا يُقاتِلونَ أَعداءَهُم ويَهزمونَهم كانوا يَأخُذونَ الغنائمَ منهم، ويَجمعونها، ثم يُشعلونَ فيها النارَ ويَحرقونَها، وكانوا يُعاقِبونَ مَنْ أَخَذَ منها.

ولذلك أَخْبَرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ اللهَ أَحَلَّ الغنائمَ له ولأُمَّتِه، فقال: " وأُحِلَّتْ ليَ الغَنائم، ولم تُحَلَّ لأَحَدٍ منْ قَبْلي ".

ولا معنى لاعتراضِ الفادي المفترِي على إِباحةِ الغنائم، وعلى أَخْذِ الغنائمِ من الأَعداء، فالأَعداءُ يَعْتَدونَ على المسلمين ويُحاربونجهم ويَهجمونَ عليهم، وأَمَرَ اللهُ المسلمينَ برَدِّ عُدوانِ المعْتَدين، ومحاربةِ المحاربين،

والوقوفِ أَمامَ الطامِعين فيهم، وأَوجبَ على المسلمين جهادَهم وقِتالَهم وقَتْلَ مَنْ يَقْدِرونَ عليه منهم. وجَميعُ الأَديانِ والشرائعِ والمذاهبِ والمناهجِ توجبُ على الناسِ مواجهةَ المعْتَدين، والدفاعَ عن الأَوطانِ والأَمْوال.

ومن غيرِ المقبولِ والمعقولِ أَنْ يُشَجَّعَ المعْتَدون المحتَلّون، وأَنْ يُدْعى المعْتَدى عليهم إِلى محبةِ المعْتدين، واستقبالهم بالورودِ وأَغْصانِ الزيتونِ والأَحْضان!!.

يُريدُ الفادي من قومِه أَنْ يُحاربوا المسْلِمين، وأَنْ يَحْتَلوا بلادَهم ويَنْهَبوا أَموالَهم، فإِنْ قامَ المسلمونَ بواجِبِهم في الجهادِ ورَدِّ العُدْوان، رَفَعَ صوتَه بالاعتراضِ والإِنكارِ، وقال: " هل يأمُرُ اللهُ بقَتْلِ الناسِ ونَهْبِ أَموالِهم،

ويَقولُ: إِنَّ هذا حَلالٌ طَيّبٌ؟! هل يُحَفلُ اللهُ أَموالَ الغير؟! ". ونحنُ بالمقابلِ نَسْأَلُ المفترِي: هل أَباحَ اللهُ للصليبيّين - الذينَ يَزْعمُونَ الإِيمانَ بالنصرانيةِ والإِنجيل - احتلالَ بلادِ المسلمين، وسَفْكَ دمائِهم، ونَهْبَ أَموالِهم؟!

وهل أَباحَ اللهُ للمستعْمِرينَ الإِنجليزِ والفرنسيينِ والإِسبانِ والطليانِ والأَمريكانِ احتلالَ بلادِ المسلمين في هذا الزمان ونَهْبَ أَموالِهم وموارِدِهم؟!.

لماذا يُنكرُ الفادي على المسلمينَ جهادَ وقِتالَ المعتدينَ المحاربينَ المحتلّين، ولا يُنْكِرُ على أُولئك المعتدينَ عُدْوانَهم واحتلالَهم ونَهْبَهم؟!.

وعندما يحاربُ الأَعداءُ المسلمينَ فإِنهم يستخدمونَ الأَموالَ والسلاحَ لحربِهم، وعندما ينتصرُ المسلمونَ عليهم ويَهزمونَهم، فإِنهم يَسْتَوْلون على بَعْضِ الأَموالِ والسلاحِ والعَتادِ والمَتاع، فماذا يَفعلونَ بها؟

هل يُعيدونَها للأَعداءِ المقاتلين، ليستَعينوا بها على قتالِ المسلمين؟ أَمْ يَحرقونَها بالنارِ كما كانَ يَفعلُ اليهودُ في العهد القديم؟. لقد أَباحَ اللهُ للمسلمين أَخْذَ تلك الغنائم، والاستفادةَ منها والانتفاعَ بها، وقالَ لهم: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ) . 

واللهُ حكيمٌ في أَمْرِ المؤمنين بقتالِ المقاتِلين، لأَنَّ البادئَ أَظْلَم، وهوحكيمٌ في إِباحةِ الغنائمِ للمجاهدين، لأَنَّ في أَخْذِها من الأَعداءِ المقاتلينَ إِضْعافاً لهم.

واعتراضُ الفادي على حكْمِ اللهِ الحكيمِ دليلُ جَهْلِه وتحامُلِه! وهو لا وَزْنَ له، لأَنه يعترضُ على الصحيحِ، ويُخَطِّئُ الصَّواب!!.