كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (حول نزول المائدة على الحواريين)
الوصف
الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية
(حول نزول المائدة على الحواريين)
أَخْبَرَنا اللهُ في القرآنِ أَنَّ الحوارِيّين طَلَبوا من عيسى - عليه السلام - أَنْ يسأَلَ اللهَ إِنزالَ مائدةٍ من السماءِ عليهم، فسأَلَ عيسى - عليه السلام - ربَّه.
قال تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)) .
وقد اعترضَ الفادي المفترِي على كلامِ القرآنِ وخَطَّاَه، واتَّهَمَه بعدمِ فهمِ كلامِ الأَناجيل عن معجزاتِ عيسى - عليه السلام - أَمامَ الحواريين، وقصةِ " العَشاءِ الرباني "
قالَ: " لا يقولُ الإِنجيلُ إِنَّ تلامِيذَ المسيحِ طَلَبوا منه آيةً من السماء، ولا يَقولُ إِنَّ مائدةً نزلَتْ من السماء، ولكنَّ الذين تبعوا المسيحَ ليَسْمَعوا تَعاليمَه في البَريةِ مَكَثوا مَعَه وَقْتاً طويلاً، ولم يُرِد المسيحُ أَنْ يَصْرِفَهم
صائمين، لئلا يَخورُوا في الطريق، فأَخَذَ خَمْسَ خبزاتٍ وسَمَكَتَيْن، وبارَكَ وكَسَّرَ، وأَطْعَمَهم جميعاً، وزادت عن الآكلين اثنتا عشرةَ قُفَّة!!.
ولعلَّ قصةَ القرآنِ عن نزولِ مائدةٍ من السماءِ، نَشَأَتْ عن عدمِ فهمِ بعضِ آياتِ الإِنجيل بخصوصِ مائدةِ المسيح، حيثُ قال لهم: " لتأْكُلوا وتَشْرَبوا على مائِدَتي في ملكوتي، وتَجْلِسوا على كراسي، لتُدينوا أَسباطَ إِسرائيل الاثني عَشَرَ ".
يَعترفُ الفادي بالمائدة، التي أَكَلَ منها الحواريّون؟ بحضورِ عيسى - عليه السلام -، ويُحيلُ على الأَناجيلِ الأَربعةِ في حديثِها عنها، ويذكُرُ أَنَّ تلك المائدةَ قامَتْ على تكثير الطعامِ بين يَدَيْ عيسى - عليه السلام -، حيثُ كان معه خمسةُ أَرغفة وسمكَتان، فَدَعا اللهَ ليُبارِك فيها، فبارَكَ فيها، وتَعَشّى منها الحواريّون جميعاً " عَشاءً ربانياً "، زادَ عنهم اثْنَتا عَشْرَةَ قُفَّةً مليئةً بالطعام!.
وإِنَّ اللهَ الذي كَثَّرَ الطعامَ أَمامَ عيسى - عليه السلام - قادرٌ على إِنزالِ مائدةٍ من الطعام من السماء، ليأكلَ منها الحواريّون، فلا داعيَ لإِنكار إِنزالِ المائدةِ من السماءِ في الوقْتِ الذي يتمُّ الإِيمانُ بتكثيرِ الطعام، طالما أَنَّ كلا الأَمْرَيْنِ من فعْلِ الله، الذي هو على كلِّ شيءٍ قدير.
والإِيمانُ بأنَّ القرآنَ كلامُ الله، يَدْعونا إِلى الإِيمانِ والتصديقِ بكلِّ ما وردَ في القرآن.
وقد أَخبرنا اللهُ أَنه مُنَزِّلُ المائدة، في قوله تعالى: (قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ) ، والتعبيرُ عن إِنزالها بصيغة اسمِ الفاعل: " مُنَزِّلُها "، لتأكيدِ حقيقةِ إِنزالِها.