كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله؟)
الوصف
الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية
(هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله؟)
أَخْبَرَنا اللهُ في القرآنِ أَنَّ بني إِسرائيلَ طَلَبوا من موسى - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرَوا اللهَ جَهرة، وأَنْ يُشاهِدوهُ بعيونِهم، فعاقَبَهم اللهُ على هذا الطلبِ القبيحِ بأَنْ أَخَذَهم بالصاعقةِ، ثم أَحياهم.
قال تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)) .
وقال تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ) .
وقد خَطَّأَ الفادي القرآنَ لمخالفته ما وَرَدَ في الكتابِ المقَدَّس.
قال: " ولكنَّ الكتابَ المقَدَّسَ يُعَلِّمُنا أَنَ بني إِسرائيل خافوا من الله، وقالوا لموسى: " تَكَلَّمْ أَنتَ مَعَنا، ولا يتكلم اللهُ معنا لئَلّا نَموت " .
فعكسَ القرآنُ الموضوعَ، وقالَ: إِنَّ بني إِسرائيلَ طَلَبوا أَنْ يَرَوُا الله فأَماتَهم اللهُ بالصاعقة، ثم بَعَثَهم ثانية. ولعلَّ الدافعَ على هذا أَنْ يُخيفَ العَرَبَ الذينَ سأَلوا محمداً أَنْ يَنزّلَ لهم كتاباً من السماء ...
يَزعمُ الفادي أَنَّ بَنِي إِسرائيل لم يَطْلُبوا أَنْ يَرَوُا اللهَ جهرة، كما ذَكَرَ القرآن، وإِنَّما طَلَبوا أَنْ لا يُكَلِّمَهم الله، لأَنهم خافُوا إِنْ كَلَّمَهم أَنْ يَموتوا.
ونحنُ لا يَعنينا ما قالَه الأَحبارُ في سِفْرِ الخروج، إِنما يَعْنينا ما ذَكَرَهُ القرآن، لأَنَّه عِندنا أَمْرٌ يَقينيّ جازم.
لقد كان بَنو إِسرائيلَ جاهِلين، غَيْرَ مُعَظِّمينَ لله، فقد ظَنُّوا أَنه يُمكنُ أَنْ يَرَوا الله بعيونِهم، وظَنُّوا أَنَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - يرى الله عندما يُكلِّمُه ويُناجيه، فحسدوهُ وغَاروا مِنْه، وطَلَبوا أَنْ يَرَوا الله بِعيونِهم، كما يَرى هو اللهَ بعينَيْه.
علماً أَنَّ موسى - عليه السلام - لم يَرَ رَبَّه، وعندما سأَلَ اللهَ أَنْ يرَاهُ أَخْبَرَه أَنه لنْ يَراه.
قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣)) .
وقد عَلَّقَ بنو إِسرائيل الجاهلين إيمانَهم لموسى واستسلامَهم وطاعتَهم له على رؤيتِهم اللهَ جهرةً بعيونِهم، وطَلَبوا منه أَنْ يَطْلُبَ مق الله أَنْ يَنزلَ أَمامَهم، ويُخاطِبَهم، فَيَرَوْهُ ويُشاهدوه وتسمعوه!! عند ذلك عاقَبهم، فأَخَذَتْهم الصاعقة، فَصُعِقوا وأُغميَ عليهم، وكانوا كالأَموات، ثم أَيقظَهم وبَعَثَهم، وأَعادَهم إِلى الحياة، ليستكملوا أَعمارَهم.
وسألَ اليهودُ في المدينةِ رسولَ الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُنزلَ عليهم كتاباً من السماء، وكانَ سؤالَ تَعَسفٍ وتعجيز، كما كانَ سؤالُ أَجدادِهم لموسى - عليه السلام -.
قال تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ).