كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (من هو أبو إبراهيم - عليه السلام -؟)
الوصف
الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية
(من هو أبو إبراهيم - عليه السلام -؟)
أَخبرَ القرآنُ أَنَّ اسْمَ والدِ إِبراهيم - عليه السلام - " آزرُ " .
قال الله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٧٤)) .
وجعلَ الفادي هذا خَطَأً تاريخيّاً في القرآن، لأَنه يَتعارضُ مع الكتابِ المقَدَّس.
قال: " والصوابُ في التاريخ، كما يَشهدُ الكتابُ المقَدَّس أَنَّ والدَ إِبراهيمَ اسْمُه تارح، كما جاءَ في سِفْرِ التكوين "
اسْمُ والدِ إِبراهيمَ الواردُ في سِفْرِ التكوينِ " تارح "، ويَزعمُ اليهودُ والنّصارى أَنَّ العهدَ القديمَ كلامُ الله، أَنزلَه على موسى وأَنبياءِ بني إِسرائيلَ - عليهم السلام -، مع أَنَّ اللهَ أَخبرَنا أَنَّ الأَحبارَ هم الذين أَلَّفوا العهدَ القَديم، وكَتَبوه بأَيْديهم، ونَسبوهُ إِلى اللهِ زوراً وبُهتاناً.
قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)) .
وهذا معناهُ أَنَّه ليسَ كلُّ ما في العهدِ القديمِ من عندِ الله، وإِنَّما كَثيرٌ منه من عندِ الأَحبار، وهذا ليسَ صحيحاً بالضرورة، فمنه الصحيحُ ومنه الخَطَأ.
ومعنى هذا أَنْ نتوقَّفَ في قَبولِ كلّ ما وردَ في أَسفارِ العهدِ القديم، ولا نقبلُ منه إِلا ما وردَ في القرآنِ أَو السنةِ مُصَدّقاً له.
وما سكتَ عنه القرآنُ والسنةُ نتوقَّفُ فيه ونَسكتُ عنه، فلا نصدِّقُه ولا نُكَذِّبُه. أَما إِذا وردَ خَبَرٌ في القرآنِ يختلفُ عن ما وردَ في أَسفارِ العهدِ القديمِ،
فإِنَّ المعتمدَ هو ما وردَ في القرآن، لأَنَّ ما في القرآنِ كلامُ الله قطعاً، لا شَكَّ ولا ريبَ فيه، وما خالَفَه فهو خطأ، وهو مما صاغَه وكَتَبَه الأَحْبار، ونَسَبوهُ إِلى اللهِ زوراً.
هذه قاعدةٌ منهجيةٌ موضوعيةٌ في الصلةِ بينَ القرآنِ والعهدِ القديم.
ولا يَجوزُ أَنْ نُحاكمَ القرآنَ الثابتَ الصحيحَ المحفوظَ إِلى رواياتِ العهدِ القديمِ المشكوكِ فيها، كما فَعَلَ الفادي.
بالنسبةِ لوالدِ إِبراهيمَ - عليه السلام -، ذَكَرَ الأَحبارُ أَنَّ اسْمَه " تارح "، وصَرَّحَ القرآنُ أَنَّ اسْمَه " آزر ".
والأَصْلُ أَنْ نعتمدَ ما صَرَّحَ به القرآن، لأَنه كلامُ اللهِ الثابتُ والمحفوظ، فنقول: إِنَّ اسْمَه آزر.
ولا نَدْري من أَيْنَ جاءَ الأَحبارُ في العهدِ القديمِ باسمِ " تارح "! فإِمّا أَنْ يكون له اسمان: آزرُ وتارح، فذكَرَ القرآنُ أَحَدَهما وذَكَرَ الأَحبارُ اسْمَه الثاني، وإِمّا أَنْ يكونَ ما قالَه الأَحبارُ خَطَأ، وأَن اسْمَه هو آزرُ فقط، لأَنه هو المصرَّحُ به في القرآن.
فالذي أَخَطَأَ في اسم والدِ إِبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم - ليس القرآن، لأَنَّ القرآنَ حَقّ لا خطأَ - فيه، وإِنما الذينَ أَخطؤُوا هم الأَحبارُ عندَ تأليفِهم أَسفارَ العهدِ القديم، فأَتَوْا باسمٍ يُخالفُ الذي في القرآن، وهذا مردودٌ عليهم!!.