تصويبات في فهم بعض الآيات - العلوم التي يحتاجها الناظر في القرآن
الوصف
تصويبات في فهم بعض الآيات
العلوم التي يحتاجها الناظر في القرآن
منع العلماء الذين لا يملكون المؤهلات الخاصة، من القول في التفسير وبيان معاني القرآن، ولذلك اشترطوا للذي يريد أن يفسر آياتٍ من القرآن شروطاً لا بد من تحققها فيه، وحددوا له علوماً لا بد أن تتوفَّر عنده، وبيَّنوا له أدواتٍ لا بد أن تكون بين يديه، حتى يكون نظره صواباً، واستنباطه صحيحاً، وفهمه سليماً، وتفسيره مقبولاً.
وقد ذكر المرحوم الشهيد محمد حسين الذهبي في " التفسير والمفسرون " أهم هذه العلوم، سنلخص كلامه عنها، ثم نضيف علوماً أخرى نراها ضرورية:
١ - علم اللغة: لأنه به يمكن أن يشرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها، ويستطيع أن يعرف معاني الكلمات الغريبة في القرآن، ويكون في هذه المعرفة ملتزماً باللغة ومقاييسها وفقهها.
٢ - علم النحو والصرف: لأن المعنى يختلف بحسب اشتقاق الكلمة القرآنية أو وجوه تصريفها، كما يختلف باختلاف وجوه الإعراب وتوجيه تلك الوجوه.
٣ - علوم البلاغة: حتى يقف على طرفٍ من بلاغة القرآن ووجوه إعجازه، ومظاهر بيانه وجماله، وأساليب أدائه، وألوان تأثيره.
٤ - علم القراءات: لأن القراءات توقيفيةٌ وهي كلام الله، ومنها يعرف وجوه القراءات وتوجيهها، وبيان اختلاف المعنى والأحكام على كل قراءةٍ منها.
٥ - علم أصول الدين: حيث يعرف أساسيات العقيدة وخصائص التصور الإسلامي والألوهية والعبودية. ويعرف الإيمان وأركانه، والإنسان ووظيفته، والحياة ومعناها، والكون وغايته، والغيب وحقيقته، واليوم الآخر وقدومه.
٦ - علم أصول الفقه: ليعرف كيف يستنبط الأحكام والأدلة من القرآن، وكيف يتعامل مع أساليب الخطاب القرآني، ووجوه التكليف فيه، وطرق عرض أحكامه.
٧ - علم أسباب النزول: ليعرف الجو الذي نزلت فيه الآيات، والحالة التي تعاملت معها، والمشكلة التي عالجتها، والخطأ الذي قوَّمته.
٨ - علم الناسخ والمنسوخ: حتى لا يقع في التناقض في فهم الأحكام التي تشير إليها الآيات.
٩ - علم التاريخ: ليطلع على أخبار السابقين، ويحسن التعامل مع قصص القرآن، واستخراج السنن الثابتة في حياة البشرية.
١٠ - علم الحديث: ليطلِع على تفسير الرسول عليه الصلاة والسلام للقرآن، باعتبار السنَّة موضحة للقرآن، ومفسِّرة له، ومبيِّنة لأحكامه ومكمِّلة لتوجيهاته، وليعتمد ما صحَّ من الأحاديث، ويتجنَّب ما لم يصح منها حتى لا يأخذ منها حكماً، أو يكوِّن منها رأياً.
١١ - علم السيرة النبوية: لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الترجمة العملية للقرآن، حيث كان خلقه القرآن - كما بيَّنت عائشة رضي الله عنها - ولذلك تعتبر سيرته وحياته العامة والخاصة هي أصدق تفسير للقرآن، والمظهر العملي الواقعي لتوجيهاته وأحكامه.
١٢ - علم الرجال: وبخاصةٍ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعرف كيف كانوا يحيون بالقرآن، ويعيشون في ظلاله، ويطبِّقون أوامره وأحكامه. فيقتدي بهم في كل هذا، ويلحظ البعد الواقعي العملي التطبيقي للآيات، الذي ينقلها من كونها مجرد توجيهاتٍ مثاليةٍ خياليةٍ نظريةٍ يستحيل تطبيقها على الواقع، إلى كونها حقائق واقعية، وقيماً حياتية وبرامجَ عملية وخططاً مُعاشة في حياة الناس ..
١٣ - العلوم النظرية البحتة، للوقوف على الأبعاد الجديدة للآيات، وتوسيع معانيها، ورفدها بما توحي به هذه العلوم من حقائق وظواهر وبيِّنات، سواءٌ في عالم الفلك أو الزراعة أو الكون أو الطب أو الاختراع.
١٤ - العلوم الإِنسانية والاجتماعية، التي تُعرض من خلالها مضامين جديدة للآيات التي تشير إلى هذه المجالات، فيجد من هذه الآيات حياةً وحيوية، وقوةً وتأثيراً، وتوجيهاً وإرشاداً. وهذه العلوم مثل علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد والسياسة والإعلام والدعوة.
١٥ - العلم بالأعداء الكافرين، والاطِّلاع على حياتهم وأنظمتهم وتشريعاتهم، والوقوف على أفكارهم واهتماماتهم - وبخاصة المعاصرين منهم - ليحسن فهم الآيات التي تكشفهم وتحلِّل حياتهم.