مفاتيح التعامل مع القرآن- من مفاتيح التعامل مع القرآن ( ٢٦ - ترتيب الخطوات فى التعامل مع القرآن)
الوصف
من مفاتيح التعامل مع القرآن
٢٦ - ترتيب الخطوات فى التعامل مع القرآن
عند ما يتعامل القارئ مع القرآن فلا بدّ أن يرتب خطوات هذا التعامل وأن يحدد المراحل ويبينها، فما هى الخطوة الأولى ثم التى تليها وهكذا؟ وبماذا يبدأ؟ وما هو المقدم وما هو المؤخر؟ .. وليحرص على أن تكون الخطوات متناسقة متتابعة متزنة، وأن تكون المراحل متدرجة متكاملة ..
الخطوة الأولى: يجب أن تكون فى استحضار الجو الإيمانى، ومعايشة الحالة الإيمانية التى سيتقدم بها للفهم والتدبر، ويستحضر فيوضات الله وفتوحاته عليه، وذلك بأن يراعى آداب التلاوة التى أشرنا إليها فى أول الكتاب.
الخطوة الثانية: هى إقباله على القرآن وتلاوته لآياته، فيبدأ به ويعيش فى ظلاله، ويتلقى عنه المعانى والحقائق والتقريرات والموحيات، وينفعل معه بكيانه الإنسانى كله .. وسيخرج من ذلك بحصيلة عظيمة وجنى وافر وكنز ثمين ..
الخطوة الثالثة: الاطلاع على تفسير مختصر لبيان كلمة غريبة أو تحديد سبب نزول أو الوقوف على معنى غامض، أو معرفة حكم خاص .. وهذا الاطلاع ليستعين بفهم العلماء السابقين، فيتضح له ما كان غامضا، ويبدو له ما كان خافيا، فيصوب نتيجة لذلك فهمه ويصححه،
أو يستدرك على نفسه، ويضيف إلى معلوماته ما غفل عنه .. فهذا الاطلاع للتوضيح أو التصويب أو الاستدراك ..الخطوة الرابعة: الاطلاع على تفسير مطول يتوسع صاحبه فى مباحثه ويستطرد فى موضوعاته، ويعرض ألوانا مختلفة من المعارف والثقافات ..
فيتعامل معه القارئ- بملكته النقدية الواعية- ليثرى معلوماته ويزيد على معارفه وثقافته، ويعيش مع العلم لحظات وفترات مباركة .. وينمى ملكته العلمية وموهبته الاستنباطية .. وننصح فى الخطوة الثالثة أن يبدأ ببيان معانى كلمات القرآن، وأجود كتاب فى هذا كبداية «كلمات القرآن تفسير وبيان» لحسنين مخلوف. ثم يطلع على تفسير معاصر يتحدث عن القضايا والمسائل والمشكلات المعاصرة ويتخصص فى المباحث المعاصرة .. ولن يجد القارئ هذا إلّا عند سيد قطب فى تفسيره الرائد «فى ظلال القرآن» الذى نراه وسيلة واجبة لفهم حى للقرآن، ونعتقد أن من أعرض عنه فسيحرم الكثير من معانى القرآن وحقائقه وتقريراته .. ثم يطلع على تفسير قديم متزن، وتفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير خير من يمثل هذا. أما فى الخطوة الرابعة فننصح أن يقبل على تفسير إمام المفسرين على الاطلاق محمد بن جرير الطبرى- مع القراءة فيه بحذر شديد والتمتع بالملكة النقدية- ثم يقرأ ما طاب له من التفاسير الأخرى كتفاسير الرازى والنيسابورى والزمخشرى والقرطبى وأبى السعود والآلوسي والشوكانى ورشيد رضا فى المنار .
إذا خلط القارئ بين المراحل وشوّش فى ترتيب الخطوات فسيقع فى خلط وتشويش وسيحرم الكثير من العطاء القرآنى الكريم.
ورحم الله الإمام الشهيد حسن البنا عند ما أجاب على سؤال وجه إليه عن أقرب الطرق لفهم كتاب الله، فقال: «قلبك، فقلب المؤمن ولا شك هو أفضل التفاسير لكتاب الله تبارك وتعالى .. وأقرب طرائق الفهم: أن يقرأ القارئ بتدبر وخشوع، وأن يستلهم الرشد والسداد، ويجمع شوارد فكره حين التلاوة .. وأن يلم مع ذلك بالسيرة النبوية المطهرة، ويعنى بنوع خاص بأسباب النزول وارتباطها بمواضعها من هذه السيرة، فسيجد فى ذلك أكبر العون على الفهم الصحيح السليم.
وإذا قرأ فى كتب التفسير بعد ذلك فللوقوف على معنى لفظ دق عليه، أو تركيب خفى أمامه معناه، أو استزادة من ثقافة تعينه على الفهم الصحيح لكتاب الله. فهى مساعدات للفهم .. والفهم بعد ذلك إشراق ينقدح ضوؤه فى صميم القلب» [مقدمات تفسير القرآن: ٣٠].