مفاتيح التعامل مع القرآن-وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام للقرآن (القرآن فى عبارات لأهل القرآن)
الوصف
وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام للقرآن
القرآن فى عبارات لأهل القرآن
ننتقل الآن إلى كلام أهل القرآن حول القرآن، من الصحابة والتابعين والعلماء اللاحقين، لنورد طائفة من أقوالهم وعباراتهم التى يتحدثون بها عنه، ويعرضون ما يلاحظونه من سماته وأوصافه، وما يعيشون من حقائقه ولطائفه وظلاله، وما يجدون من آثاره وأغراضه ومهمته.
ونبدأ هذه الأقوال بعرض طائفة من أقوال الصحابة الكرام، الذين هم الجيل القرآنى الفريد، وأكثر الناس دراية بالقرآن وحياة به، وعلما بموضوعاته، وإدراكا لسماته وصفاته.
١ - روى الترمذى عن الحارث بن عبد الله الهمدانى- الأعور- قال: مررت فى المسجد، فإذا الناس يخوضون فى الأحاديث، فدخلت فأخبرته، فقال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال أما إنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ألا إنها ستكون فتنة، قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذى لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضى عجائبه، وهو الذى لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا: (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَي الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢)) [الجن: ١ - ٢] من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم»
وقد ضعف العلماء هذا الحديث لأن فى سنده مجهول، والحارث الأعور ضعيف، وقال الترمذى: هذا حديث لا نعرفه إلّا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفى الحارث مقال .. ».
ويبدو أنه من كلام أمير المؤمنين على بن أبى طالب، ولذلك أوردناه هنا .. علما بأنه أورد طائفة من سمات القرآن وأوصافه، ذات دلالة صادقة عليه، ويمكن أن يلاحظ البعد الواقعى لهذه الصفات والسمات (جامع الأصول لابن الأثير ٨: ٤٦١ - ٤٦٢) وقد قال عنه الإمام المحدث ابن كثير فى فضائل القرآن: «والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور، وقد تكلموا فيه، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده .. وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، وقد وهم بعضهم فى رفعه، وهو كلام حسن صحيح .. » [فضائل القرآن: ٥].
٢ - قال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما: «جمع الله فى هذا الكتاب علم الأولين والآخرين، وعلم ما كان وعلم ما يكون، والعلم بالخالق جل جلاله، وأمره وخلقه .. » [جامع الأصول: ٨/ ٤٦٤ - ٤٦٥].
٣ - روى عامر بن واثلة رحمه الله أن نافع بن عبد الحارث لقى عمر بعسفان- وكان عمر استعمله على أهل مكة- فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى .. قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا! قال فاستخلفت عليهم مولى! قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إنّ نبيكم صلّى الله عليه وسلّم
قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين .. » [جامع الأصول: ٨/ ٥٠٧].
٤ - روى أبو الأسود الدؤلى قال: «بعث أبو موسى الأشعرى إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن. فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه، ولا يطولن عليكم الأمد، فتقسوا قلوبكم، كما قست قلوب من كان قبلكم .. » [جامع الأصول: ٢/ ٤٥٢].
٥ - قالت عائشة رضى الله عنها: كان أبو بكر إذا قرأ القرآن كثير البكاء، فى صلاة وغيرها. وقالت أيضا: «القرآن أكرم من أن يزيل عقول الرجال .. » [جامع الأصول: ٢/ ٤٦٦ - ٤٦٧].
٦ - وقالت أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها: ما كان أحد من السلف يغشى عليه ولا يصعق عند قراءة القرآن، وإنما يبكون ويقشعرون، ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله .. » [جامع الأصول: ٢/ ٤٦٧].
٧ - وأورد الإمام مالك فى الموطأ قول محمد بن سيرين رحمه الله: أن عمر بن الخطاب كان فى قوم يقرءون القرآن، فذهب لحاجته، ثم رجع وهو يقرأ القرآن، فقال رجل: يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له عمر: من أفتاك بهذا؟ أمسيلمة؟ [جامع الأصول: ٢/ ٤٦٩].
٨ - قال حذيفة بن اليمان رضى الله عنهما: «يا معشر القراء، استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا، وإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا .. » [جامع الأصول: ٢/ ٤٧١].
٩ - قال ابن عباس رضى الله عنهما: كان القراء أصحاب مجلس عمر رضى الله عنه ومشاورته، كهولا وشبابا». [التبيان فى آداب حملة القرآن للنووى: ١١].
١٠ - قال على بن أبى طالب رضى الله عنه: «يا حملة القرآن أو يا حملة العلم-: اعملوا به، فإنما العالم من عمل بما علم، ووافق علمه عمله .. وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم، يجلسون حلقا يباهى بعضهم بعضا، حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه ..أولئك لا تصعد أعمالهم فى مجالسهم تلك إلى الله تعالى .. » [التبيان للنووى: ١٧].