ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب النبي صلى الله عليه وسلم من الأشياء (يحب النبي صلى الله عليه وسلم الطِّيب)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب النبي صلى الله عليه وسلم من الأشياء (يحب النبي صلى الله عليه وسلم الطِّيب)
165 0

الوصف

                                                    ما يحب النبي صلى الله عليه وسلم من الأشياء
                                                          يحب النبي صلى الله عليه وسلم الطِّيب

يحب النبي صلى الله عليه وسلم الطِّيب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«حبب إلي من دنياكم: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة»

الطيب:

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم طيب الرائحة وهو مما أكرمه الله تعالى، وكانت هذه الريح الطيبة صفته صلى الله عليه وسلم وإن لم يمس طيبًا، فعن جابر بن سمرة قال:

«صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خَدَّيْ أحدهم واحدًا واحدًا، قال: وأما أنا فمسح خدي، قال: فوجدت لِيَدِهِ بردًا أو ريحًا كأنما أخرجها من جُؤْنَة عطار»

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الرائحة الطيبة ويكره أن تصدر منه أي رائحة غير مستحبة، وعن عائشة

«أنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فذكر سوادها وبياضه، فلبسها فلما عرق، وجد ريح الصوف قذفها، وكان يحب الريح الطيبة»

فقد كان عَرَقُه صلى الله عليه وسلم طيبًا ويكره أن يكون غير ذلك، قال أنس:

«ما شممت عنبرًا قط، ولا مسكًا ولا شيئًا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم»

بل كان عَرَقه أطيب الطيب وإذا أراد أحد أن يطيب طيبه فإنه يضع فيه عَرَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي ذات يوم جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت أم سليم والدة أنس بن مالك فنام صلى الله عليه وسلم عندهم للقيلولة فَعَرِقَ، قال أنس:

«وجاءت أُمِّي بقارورة فجعلت تَسْلُتُ العَرَقَ فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم، ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عَرَقُكَ نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب»

فكانت أم سليم تجمع عرق النبي صلى الله عليه وسلم في الطيب والقوارير للتطيب به وتطيب به طيبها.

ومع ذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ويستعمله في كثير من الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي الكريم ومجالسة المسلمين.

قال ابن القيم: «لما كانت الرائحة الطيبة غذاء الروح، والروح مطيةُ الْقُوَى والْقُوَى تزداد بالطيب، وهو ينفع الدماغ والقلب، وسائر الأعضاء الباطنية، ويفرح القلب، ويسر النفس ويبسط الروح، وهو أصدق شيء للروح، وأشده ملاءمة لها، وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة، كان أحد المحبوبين من الدنيا من أطيب الطيبين صلوات الله عليه وسلامه.»

وفي الطيب من الخاصية، أن الملائكة تحبه، والشياطين تنفر عنه، وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة النتنة الكريهة، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات، وهذا وإن كان في النساء والرجال، فإنه يتناول الأعمال والأقوال، والمطاعم والمشارب، والملابس والروائح، إما بعموم لفظه، أو بعموم معناه.

إن حب الطيب من اعتدال المزاج وكمال الخلقة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الطيب لكونه يناجي الملائكة وهو يحبون الطيب ويتأذون من الرائحة الخبيثة؛ ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلى المسجد لمن أكل ثومًا أو بصلًا فقال عليه الصلاة والسلام:

«من أكل من هذه البقلة الثوم»

وقال مرة:

«من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم»

ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم أكل الثوم والبصل والكراث وإنما كان يمتنع عن أكلها؛ لأنه يناجي الملائكة التي تتأذى من رائحتها؛ فعن جابر بن عبد الله زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«من أكل ثومًا أو بصلًا فليتعزلنا –أو قال- فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته»

وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحًا، فسأل، فأخبر بما فيها من البقول فقال:

«قربوها»

- إلى بعض أصحابه كان معه- فلما رآه كره أكلها قال:

«كل، فإني أناجي من لاتناجي»

وكان من حب النبي صلى الله عليه وسلم للطيب أنه لا يرده، فعن أنس رضي الله عنه:

«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب»

وقد ورد النهي عن رده مقرونًا ببيان الحكمة في ذلك إذ قال صلى الله عليه وسلم

«من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه طيب الريح؛ خفيف المحمل»

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتطيب في أكثر أحيانه وكان يأمر بذلك، قال صلى الله عليه وسلم:

«غسل يوم الجمعة على كل محتلم وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه»

وقال في الطيب:

«ولو من طيب المرأة»

فأباح للرجل هنا طيب المرأة للضرورة لعدم غيره وهذا يدل على تأكد الأمر في ذلك، فطيب المرأة ما ظهر لونه وخفي ريحه، وإذا أرادت المرأة الخروج إلى المسجد أو غيره كره لها كل طيب له ريح، أما الطيب الرجال فهو ما ظهر ريحه وخفي لونه، ويتأكد استحباب الطيب للرجال يوم الجمعة والعيد عند حضور مجامع المسلمين ومجالس الذكر والعلم، وعند إرادة، معاشرة زوجته ونحو ذلك.

أما أطيب الطيب فهو المسك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أطيب الطيب والمسك»

ولما سئلت عائشة رضي الله عنها: بأي شيء طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حرمه قالت:

«بأطيب الطيب»