ماذا يحب الله ورسوله-يحب النبي صلى الله عليه وسلم المدينة (من فضائل المدينة)

ماذا يحب الله ورسوله-يحب النبي صلى الله عليه وسلم المدينة (من فضائل المدينة)
151 0

الوصف

                                                    يحب النبي صلى الله عليه وسلم المدينة
                                                                 من فضائل المدينة

من فضائل المدينة

ولهذا كان للمدينة فضائل متعددة، منها:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد»

معناه أمرت بالهجرة إليها واستيطانها. وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين: أحدهما أنها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر فمنها فتحت القرى وغنمت أموالها وسباياها، والثاني معناه أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة إليها تساق غنائمها. وقيل: غلبة فضلها على فضل غيرها، ومعناه أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكاد تكون عدمًا. وبعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها يثرب، وإنما اسمها الذي يليق بها المدينة، ففي هذا كراهة تسميتها يثرب، وقالوا إن سبب كراهة تسميتها يثرب لفظ التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب وهو الفساد، وكلاهما مستقبح، وسميت طيبة وطابة لحسن لفظهما؛ وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح. وأما تسميتها في القرآن يثرب فإنما هو حكاية عن قول المنافقين والذين في قلوبهم مرض. وكان صلى الله عليه وسلم يسمي المدينة ويقول:

«هذه طايبة»

مشتقة من الشيء الطيب، وقيل لطهارة تربتها، ولطيبها لساكنها، ولطيب العيش فيها، وقال بعضهم: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية؛ لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها. وروي أن للمدينة أسماء متعددة مثل: المدينة وطابة وطيبة والمطيبة والمسكينة والدار والإيمان وجابرة ومجبورة ومنيرة ويثرب والمدرى والمحببة والمحبوبة، وقيل إن لها أربعين اسمًا.

والمدينة تنفي الخبث وشرار الناس وتخرجهم منها كما تنفي النار خبث الحديد. وإذا نفت الخبث تميز الطيب واستقر فيها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن الإيمان ليأزر إلى المدينة كما تأزر الحية إلى حجرها»

أي كما تنشر الحية من جحرها في طلب ما تعيش به، فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها، كذلك الإيمان انتشر من المدينة ويرجع إليها، وكل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلم، فيشمل ذلك جميع الأزمنة؛ لأنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم للتعلم منه، وفي زمن الصحابة والتابعين وتاعبيهم للاقتداء بهديهم، ومن بعد ذلك لزيارة المسجد النبوي والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهدة آثاره وآثار أصحابه. وقال الداودي: كان هذا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والقرن الذي كان منهم والذي يلونهم والذين يلونهم خاصة. وقال القرطبي: فيه تنبيه على صحة مذهب أهل المدينة وسلامتهم من البدع وأن عملهم حجة. وقال ابن حجر: وهذا إن سلم اختص بعصر النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، وأما بعد ظهور الفتن وانتشار الصحابة في البلاد ولا سيما في أواخر المئة الثانية وهلم جرا فهو بالمشاهدة بخلاف ذلك.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى»

وقال صلى الله عليه وسلم:

«صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»

وقال صلى الله عليه وسلم:

«ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي»

فالرحال لا تشد والسفر للزيارة لا يكون إلا إلى هذه المساجد الثلاثة لاختصاصها بما اختصت به, وفيه النهي والمنع عن السفر إلى كل موضع غيرها؛ لأنه محرخم، ولا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها. وصلاة في المسجد النبوي أفضل من ألف صلاة من غيرها من المساجد إلا المسجد الحرام؛ قال العلماء: وهذا فيما يرجع إلى الثواب، فثواب صلاة فيه يزيد على ثواب ألف فيما سواه ولا يتعدى ذلك إلى الإجزاء عن الفوائت؛ حتى لو كان عليه صلاتان فصلى في مسجد المدينة صلاة لم تجزئه إلا عن واحدة والله أعلم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«الصلاة في مسجد قباء كعمرة»

وقد

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكبًا وماشيًا فيصلي فيه ركعتين»

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«المدينة حرم من كذا إلى كذا، لا يقطع شجرها، ولا يحدث فيها حدث. من أحدث حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»

وقد حرم ما بين لابتي المدينة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم:

«ما بين لابتيها حرام»

وقال صلى الله عليه وسلم:

«إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها، المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة»

وفي ذلك دلالة ظاهرة على فضل سكنى المدينة، والصبر على شدائدها، وضيق العيش فيها، وأن هذا الفضل باق مستمر إلى يوم القيامة.

قال عليه الصلاة والسلام:

«من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها»

وفي هذا ترغيب في سكنى المدينة والموت فيها لنيل شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهذا مستمر إلى قيام الساعة.

مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة مهاجرًا عشر سنين، ثم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، ودفن في مسجده بالمدينة، وقد أخرج مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«ما على الأرض بقعة هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها»

ثلاث مرات يعني المدينة، وقال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض. وقد دفن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

ولأجل فضائل المدينة، وفضل الموت فيها فقد توجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالدعاء إلى الله أن يجعل موته في بلد رسوله صلى الله عليه وسلم فقال:

«اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم»

وقد استجاب الله عز وجل دعاء عمر فرزقه الشهادة وهو في المدينة وليس في غزو والناس حوله وذلك حين طعنه أو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس صلاة الفجر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.