نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء الواحد والثمانون ( حرمة موالاة اليهود )

نداءات الرحمن لأهل الإيمان _النداء الواحد والثمانون ( حرمة موالاة اليهود )
255 0

الوصف

 النداء الواحد والثمانون  

 حرمة موالاة اليهود  

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ (الممتحنة: 13). 

  * موضوع الآية:

 في حرمة موالاة اليهود.  

*  معاني الكلمات  

 (قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ): هم اليهود. 

 (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآَخِرَةِ): أي من ثوابها مع إيقانهم بها، وذلك لعنادهم النبي مع علمهم بصدقه. 

 (كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ): أي مثل يأس مَنْ سبقهم من اليهود الذي كفروا بعيسى وماتوا على ذلك، فهم أيضا قد يئسوا من ثواب الآخرة. 

*  مناسبة الآية لما قبلها:

نهى سبحانه أول السورة عن موالاة المشركين، وذكر الموانع التي تمنع من موالاتهم، ثم أوعد على ذلك، ولما كان الأمر في ذلك خطير في سياسة الدولة الإسلامية ونشر الملة، كرر سبحانه النهي عن موالاة الكفار مرة أخرى، فقد بدأت السورة بالنهي عن موالاة الكفار، وختمت بها لما فيها من أضرار على الإسلام والمسلمين، وبمثابة التأكيد للكلام. 

  * سبب النزول:

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) .. الآية، وهم اليهود، وذلك أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود أخبار المسلمين، يتقربون إليهم بذلك، ليصيبوا من ثمارهم وطعامهم، فنزلت من الآية. 

*  بين يدي الآية

هذا النداء الذي ختمت به سورة الممتحنة هو كالنداء الذي افتتحت به، إذ الأول حرم موالاة الكفار والمشركين، لأنهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين، وحرم في هذا موالاة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، لأنهم أيضا أعداء الله ورسوله والمؤمنين. والموالاة المحرمة هي النصرة والمودة، إذ ليس من المعقول ولا المقبول أن شخصا يعادي ربه الذي خلقه ورزقه وحفظه طوال حياته يعاديه فلا يذكره ولا يشكره، ولا يطيعه في أمر ولا نهي، ويعاكسه شر معاكسة إذ هو يحب كل ما يكره الله تعالى، ويكره كل ما يحب الله تعالى، والعياذ بالله من هذا المخلوق الذي عادى خالقه وتحداه، وحارب رسوله وأولياءه، من هنا كانت موالاة الكفار من الذنب العظيم ولا توجد في قلب مؤمن صادق الإيمان محبة عبد يحاد اللهتعالى ورسوله والمؤمنين، واسمع قوله تعالى في هذا الشأن: (لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ) أي الذين نفى تعالى وجود مودة لكافر في قلوبهم ولو كان أقرب قريب (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ) كتابة راسخة ثابتة لا تحول ولا تزول (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ) أي ببرهان وهدى ونور. (وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا) أي منها ولا يموتون فيها. وزيادة في الإنعام عليهم أنه رضي عنهم ورضوا عنه. (أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ) لا حزب الشيطان، إذ طاعتهم للرحمن وليس للشيطان فيها نصيب. 

ثم ختم تعالى على البيان بهذا الإعلان فقال: (أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة دار الأبرار، وحزب الشيطان وهم الكفرة والمشركون والفسقة والمجرمون هم الخاسرون حيث يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، إذ قال تعالى فيهم: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) 

*  المعنى الإجمالي:

والآن مع النداء الإلهي إذ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي يا من آمنتم بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا (لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) أي لا تتولوهم بالنصرة والمودة. نهاهم الرب تبارك وتعالى عن موالاة اليهود بصورة خاصة إذ هم الذين غضب الله عليهم، وعلة غضب الله تعالى عليهم هي أنهم عرفوا الحق وأعرضوا عنه، وعرفوا ما حرم الله تعالى وفعلوه، وعرفوا الهدى وتركوه واتبعوا الضلال والتزموه، فهذه بعض موجبات غضب الله تعالى عليهم. 

وقوله تعالى: (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآَخِرَةِ) أي من السعادة فيها بدخول الجنة بعد النجاة من النار. ويأسهم سببه ما عرفوه من التوراة والإنجيل من قضاء الله وحكمه فيهم وفي أمثالهم ممن عرفوا الحق وأعرضوا عنه، وعرفوا محاب الله وكرهوها، وعرفوا مساخط الله تعالى وأحبوها وأتوها وفعلوها، فلما غرقوا في خضم الجرائم والموبقات من الشرك والكفر واستباحة محارم الله يومها أيسوا من النجاة من النار ودخول الجنة. وشبه تعالى يأسهم بيأس الكفار من أصحاب القبور، هم الذين كفروا يعني وماتوا على ذلك، فإنهم يئسوا من دخول الجنة لأنهم ماتوا على الكفر. وكما يئس أصحاب القبور من العودة إلى الدنيا بعد موتهم وكما يئس أقرباؤهم من عودتهم إلى الحياة بعد موتهم إذ الكل يأس وقنوط. وهؤلاء اليهود المغضوب عليهم يئسوا من سعادة الآخرة بالنجاة من النار ودخول الجنة. كما يئس الكفار من أصحاب القبور. كما بيناه آنفا فاذكره، واستعذ بالله من غضبه وعقابه. 

  *  ما يستفاد من الآيات:

1- النهي عن موالاة المشركين مع ذكر أسباب ذلك. 

2- تأكيد النهي عن موالاة المشركين حرصًا على الدعوة ونشرها. 

3- ذكر أوصاف الكفار ومعتقداتهم السيئة والتحذير منها.