موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (19- في تربية الصغار على عفة النفس وعدم الشره والطمع)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية (19- في تربية الصغار على عفة النفس وعدم الشره والطمع)
212 0

الوصف

                                                    نصوص مشروحة تشتمل على جوانب أخلاقية
                                                     19- في تربية الصغار على عفة النفس وعدم الشره والطمع

19- في تربية الصغار على عفة النفس وعدم الشره والطمع... وآداب الطعام

روى البخاري ومسلم عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا غلام سم الله، وكل بيمينك وكل مما يليك.

فما زالت تلك طعمتي بعد.

تطيش في الصحفة: أي تدور في نواحي صحفة الطعام لاختيار أطيب ما فيها.

فما زالت تلك طعمتي بعد: أي فما زلت بعد ذلك متقيدًا بالأدب الذي أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم في طعامي، فأنا أسمي الله وآكل بيميني، وآكل مما يلي مجلسي من صحفة الطعام.

نستفيد من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يدع مناسبة ملائمة لتوجيه نصيحة، أو تعليم أدب من آداب الإسلام، أو خلق من أخلاقه، دون أن يوجه فيها ويبين ويعلم، وكان لا يفوت فرصة يستطيع فيها أن يؤدب ويربي صغيرًا أو كبيرًا دون أن يؤدب فيها ويربي.

فهذا ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه الرسول أدب الطعام، وأدب مؤاكلة الناس، ويعلمه أنه ليس من الأدب الإسلامي أن يطلق الآكل مع القوم لطمع نفسه وشرهها العنان، فيتعدى الجهة التي تلي مجلسه من القصعة، إلى الجهات الأخرى التي تلي جلساءه عليها؛ لأن في ذلك سوء أدب من جهة، وعدوانًا على حق الشركاء من جهة ثانية. وهو يدل على طمع وشره، فهو يتنافى مع الخلق الكريم؛ لأن من تدور يده في صحفة الطعام ومعه آكلون يشاركونه فيها لينتقي اللحم منها أو لينتقي أطايب الطعام وأجوده إنسان شره طماع أناني لا يكترث بحقوق الآخرين.

إن الطعام حينما يوضع بصفة جماعية لعدد من الآكلين هو موزع حكمًا عليهم، وكل واحد منهم يأكل منه في حدود الجهة التي يجلس إليها، مع مراعاة التسامح في نصيب كلٍ منهم، زاد نصيبه أو نقص. والمفروض فيهم أن يؤثر بعضهم بعضًا ويكرم بعضهم بعضًا، لا أن يتسابقوا إلى تناهبه، ويتسارعوا إلى ازدراده، فهذه قبائح الجشعين. أما القناعة والتسامح والإيثار فتلك آداب الفضلاء وأخلاق المؤمنين.

أما الأكل باليمين فهو أدب إسلامي جميل، يرجع إلى توزيع أنواع الأعمال بين اليمين والشمال. فالأعمال الشريفة كالأكل والشرب والكتابة والمصافحة والإشارة عند التشهد في الصلاة والإشارة إلى إنسان أو شيء، قد جعلها الإسلام من خصائص اليد اليمنى، والأعمال المهينة كالاستنجاء وإزالة القذارات وما أشبه ذلك قد جعلها الإسلام من خصائص اليد اليسرى. وهذا ينم عن ذوقٍ رفيعٍ جدًّا، يتصل بما تقتضيه القواعد الجمالية والآداب الذوقية. ومن مارس هذا التوزيع مذ صغره صار عادة ثابتة لديه.

وأما التسمية عند بدء الطعام فهي عبادة وشكرٌ لله تعالى، وأدب مع الله المنعم بالطعام، وتذكر لعنصرٍ من عناصر القاعدة الإيمانية، واستعانةٌ بالله عز وجل على ما بدأه من عمل.

وفي اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بتربية الصغار وتعليمهم توجيه للأولياء أن يربوا صغارهم ويعلموهم، حتى ينشأوا نشأة إسلامية فاضلة، وهذه التنشئة الإسلامية توفر على المجتمع الإسلامي كثيرًا من مشكلات المستقبل، فتربية الأجيال الناشئة على الإسلام أسلم طريق لبناء المجتمع الإسلامي الفاضل، بل المجتمع الإنساني الكامل.

ومن التوجيه للعناية بتربية الصغار على الفضائل الإسلامية ما رواه أبو داود بإسناد حسن، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.