موسوعةالأخلاق الإسلامية-مقدمات وأسس عامة (الكليات العامة التي تنضوي تحتها مفردات مكارم الأخلاق)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-مقدمات وأسس عامة (الكليات العامة التي تنضوي تحتها مفردات مكارم الأخلاق)
373 0

الوصف

مقدمات وأسس عامة 

الكليات العامة التي تنضوي تحتها مفردات مكارم الأخلاق

حين يبحث الباحثون في مكارم الأخلاق فإنهم يعددون أفرادها؛ فيذكرون مثلًا من مكارم الأخلاق: الصدق، والأمانة، والعفة، والشجاعة، والجود، والاعتراف لصاحب الحق بحقه وعدم غمطه، والاعتراف لكل ذي ميزة بميزته، والإحسان، والتضحية في سبيل الواجب، والبذل للآخرين، والقناعة، وطهارة القلب من أمراض الحسد والحقد واللؤم وحب الاستيلاء على حقوق الآخرين والعدوان عليهم، إلى غير ذلك من أخلاق.

ولكن أفلا يمكن إرجاع مكارم الأخلاق هذه ونظائرها إلى أصول عامة تنضوي تحتها، وبذلك يمكن إدراك أي خلق كريم متى اندرج تحت أصل من هذه الأصول؟

وبالتأمل نستطيع اكتشاف عدة أصول وكليات عامة ترجع إليها مفردات مكارم الأخلاق.

الأصل الأول:

كل دافع ذاتي في الإنسان سواء أكان فطريًّا أو مكتسبًا، يدفعه حتى يعترف لغيره بما له من صفات كمال، أو بما له من حق -ولو كان في ذلك الاعتراف مساس بما يشتهي الإنسان لنفسه، من كمال، أو مجد، أو أي حظ من حظوظ النفس أو الجسد- هو من أصول مكارم الأخلاق وكلياتها العامة.

ونقيض هذا الأصل أحد أصول الرذائل الخلقية وكلياتها العامة.

فكل دافع ذاتي في الإنسان، فطري أو مكتسب، يدفعه حتى يجحد ما لغيره من كمال أو حق، ابتغاء وجه الشيطان، أو استجابة لعامل الكبر في نفسه، أو لما يشتهي لنفسه من كمال أو مجد، أو استجابة لأي حظ من حظوظ النفس أو الجسد، ضمن المؤثرات الأنانية، هو من أصول الرذائل الخلقية وكلياتها العامة.

وتفريعًا على هذا الأصل العام من أصول مكارم الأخلاق وما يقابله، نستطيع أن نعتبر الاعتراف للخالق العظيم بكمال ربوبيته وألوهيته، والإذعان لذلك بدافع ذاتي في الإنسان، من بدهيات أمثلة الكمال الخلقي فيه. أما الإلحاد بالله، وجحود ربوبيته وألوهيته، بعد قيام الأدلة على ذلك في فكر الإنسان وشعوره، فذلك من أبرز أمثلة الانحطاط الخلقي، ومن أخس دركاته.

وتفريعًا على هذا الأصل العام أيضًا نستطيع أن ندخل في أمثلة مكارم الأخلاق ما يلي:

الاعتراف للوالدين بفضلهما، والاعتراف للمعلم ولكل ذي فضل بفضله، والاعتراف لكل ذي مزية علمية أو فكرية أو إدارية أو عملية أو جسدية بمزيته وعدم غمطه حقه، والاعتراف لكل ذي حق بحقه، مهما كانت العوامل النفسية محرضة على الغمط والجحود.

ونستطيع أن ندخل في أمثلة رذائل الأخلاق ما يلي:

جحود فضل ذوي الفضل، وإنكار مزايا ذوي المزايا، وغمط الحق لأصحابه، استجابة لدافع من دوافع النفس الأنانية، أو لشهوة من شهواتها، ونحو ذلك من رذائل.

الأصل الثاني:

كل دافع ذاتي في الإنسان سواء أكان فطريًّا أو مكتسبًا يدفعه حتى يؤدي الحقوق التي عليه كاملة، أو حتى ينعم على غيره بعطاء من علمه، أو من قدرته، أو من جاهه، أو من ماله، متجاوزًا في ذلك عوامل نفسه الأنانية، هو من أصول مكارم الأخلاق وكلياتها العامة.

ونقيض هذا الأصل أحد أصول الرذائل الخلقية وكلياتها العامة.

فكل دافع ذاتي في الإنسان، فطري أو مكتسب، يدفعه حتى يعتدي على ما ليس له به حق، بغية حيازته لنفسه، أو يدفعه حتى يبخل بعطاء ينفع آخذه ولا يضر باذله، أو يبخل بما يدفع الضرورة الملحة عن غيره، مع عدم اضطراره إليه، أو مع عدم حاجته إليه، إلا حاجة الاستجابة للطمع أو الشره وشهوة الاستئثار، أو الاستجابة للرغبة بالاستزادة من الرفاهية المفرطة، هو من أصول الرذائل الخلقية وكلياتها العامة.

وتفريعًا على هذا الأصل العام من أصول مكارم الأخلاق وما يقابله، نستطيع أن نسرد جملة كبيرة من مكارم الأخلاق، ثم جملة كبيرة مما يقابلها من رذائل الأخلاق.

الأصل الثالث:

كل دافع ذاتي في الإنسان، فطري أو مكتسب، يدفعه حتى ينظر إلى المنح التي يختص الله بها عباده، ويوزعها بينهم، إنما هي مظاهر حكمة الله وعدله، فهو ينظر إلى ما لديه منها بعين القناعة والرضا، دون أن تمتد إلى ما وهب الله غيره منها امتداد اعتراض أو حسد، هو من أصول مكارم الأخلاق وكلياتها العامة.

ونقيض هذا الأصل أحد أصول الرذائل الخلقية وكلياتها العامة.

فكل دافع ذاتي في الإنسان، فطري أو مكتسب، يدفعه حتى يعترض على حكمة الله، أو يحسد الآخرين على ما وهبهم الله من فضله؛ هو من أصول الرذائل الخلقية وكلياتها العامة.

وتفريعًا على هذا الأصل العام من أصول مكارم الأخلاق وما يقابله نستطيع أن نسرد عددًا من مكارم الأخلاق، ثم عددًا من رذائل الأخلاق.