موسوعةالأخلاق الإسلامية-الصبر وفروعه وظواهره السلوكية(4- فضل الصابرين عند الله)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الصبر وفروعه وظواهره السلوكية(4- فضل الصابرين عند الله)
240 0

الوصف

                                                   الصبر وفروعه وظواهره السلوكية

                                                    4- فضل الصابرين عند الله
                 الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل السادس: الصبر وفروعه وظواهره السلوكية >>

4- فضل الصابرين عند الله

لما كان من أكبر عناصر الامتحان في هذه الدنيا، امتحان الناس بما يتطلب منهم مقادير مختلفة من الصبر، لتقدير مدى صبر كل منهم على الطاعات، وصبر كل منهم عن المخالفات، قال الله تعالى في سورة (محمد 47):

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31))

الابتلاء: هو الامتحان، ونحن في هذه الحياة مخلوقون للامتحان، والامتحان يستتبع الجزاء، والدار الآخرة هي دار الجزاء الأمثل.

ولما كان الصبر هو المطلوب في هذا الامتحان كان ذا مكانة عظيمة عند الله.

ومن أجل المكانة العظيمة عند الله لخلق الصبر أعلن الله تبارك وتعالى أنه يحب الصابرين، فقال تعالى في سورة (آل عمران 3):

(وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146))

وأنه تبارك وتعالى يمدهم بعونه وتأييده فقال تعالى في سورة (البقرة 2):

(إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)) و( وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249))

وقال تعالى في سورة (الأنفال 8):

(وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)) و (فَإِن يَكُن مِّنْكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66))

ويوفي الله الصابرين أجرهم بغير حساب، قال تعالى في سورة (الزمر 39):

(قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10))

* وبين الرسول صلوات الله عليه فضل الصابرين على البلاد، وما لهم من أجر عظيم عند الله، فمن ذلك ما جاء في الأحاديث النبوية التالية:

1- روى البخاري عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة

.؟!

أي: ثم احتسب أجره عند الله صابرًا على قضائه وقدره.

2- وروى البخاري عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرها أنه

كان عذابًا يبعثه الله تعالى على من يشاء، فجعله الله تعالى رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد.

3- وروى البخاري عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة.

بحبيبتيه: أي بعينيه.

4- وروى البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي. قال:

إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك

فقالت: أصبر. وقالت: إني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.

الصبر عند الصدمة الأولى:

ولما كان مصير كل مصاب أن ينسى المصيبة بعد حين، ما لم يكن ألمها جاثمًا متجددًا كان حساب قيمة الصبر مقدرًا عند الصدمة الأولى، لا بعد أن يضمحل أثر المصيبة بمرور الزمن، وهذا ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم.

روى البخاري ومسلم عن أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تبكي عند قبر -وفي رواية لمسلم: تبكي على صبي لها- فقال:

اتقي الله واصبري

فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي -ولم تعرفه- فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك. فقال:

إنما الصبر عند الصدمة الأولى.