موسوعةالأخلاق الإسلامية-الأسس التربوية العامة لتقويم أخلاق الناس(الأساس الرابع- الرعاية الشجرية)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-الأسس التربوية العامة لتقويم أخلاق الناس(الأساس الرابع- الرعاية الشجرية)
253 0

الوصف

                                                              الأسس التربوية العامة لتقويم أخلاق الناس

                                                              الأساس الرابع- الرعاية الشجرية
                     الباب الأول: مقدمات وأسس عامة >> الفصل الخامس: اكتساب الأخلاق ووسائله >> 5- الأسس التربوية العامة لتقويم أخلاق الناس

الأساس الرابع- الرعاية الشجرية:

إن مثل الطبائع الفطرية في الناس، كمثل البزور التي تنبت في حقول طبيعية، إذا تركت وشأنها نمت نموًا فوضويًّا، فكانت غابات وحشية، وتشابكت أشجارها النافعة بأشواكها، وغلب ما ينفع قليله ما ينبغي أن يكون هو الكثير الغالب.

أما إذا امتدت إليها أيدي الرعاية والتهذيب، فإنها تحسن استغلال كل منها بالمقدار الملائم، وتضعه في المكان الملائم، وتوجهه في الاتجاه الملائم.

فأشجار الشوك تجعلها سياجًا حاميًا، والأشجار الباسقة غير المثمرة تجعلها صوادّ للرياح اللافحة بحرها أو بردها، والأشجار المثمرة تبعد عنها ما يؤذيها ويضرها، والنوامي الضارة تلقمها وتشذبها، وهكذا تتابع عملها التهذيبي الاستثماري النافع، دون أن تلغي أصلًا فطريًّا إلغاءً تامًا.

وكذلك تكون الرعاية الشجرية في التربية الأخلاقية للناس، فالإسلام لم يعمد إلى إلغاء طبائع الناس في تربيته الأخلاقية، وإنما عمد إلى استغلالها، وتهذيبها، وتوجيهها، وحسن الاستفادة من كلٍ منها.

ومن هذه الرعاية الحد من نمو الطبائع التي يكون نموها أمرًا ضارًا ومفسدًا للتكوين الخلقي.

وهذا العمل التربوي ينبغي أن يساير نشأة الفرد، منذ مراحل حياته الأولى، فكثير من بذور الطبائع الفطرية بل كلها قابلة للإنماء المفرط بالتغذية والتربية، وقابلة للحد من نمائها والتهذيب من زوائدها.

ونستطيع أن نضرب على ذلك أمثلة كثيرة، منها ما يلي:

1- الطمع:

فقد تعمل البيئة الاجتماعية للفرد على تنمية ما لديه من طمع بإفراط، حتى يكون إنسانًا طماعًا شرهًا شاذًا في خلقه. وقد تعمل على الحد من نمو ما لديه منه، بالكف عن تغذيته، وباستخدام وسائلها التربوية الأخرى، حتى يكون قنوعًا، أو غير مفرط في الطمع في أدنى الحدود.

2- الخوف:

فقد تعمل البيئة الاجتماعية للفرد على تنمية ما لديه من خوف بإفراط، حتى يكون إنسانًا جبانًا رعديدًا يخاف من خياله وأوهام نفسه، وعندئذ يكون إنسانًا شاذًا في خلقه، وقد تعمل على الحد من نمو ما لديه منه، بالكف عن تغذيته، وباستخدام وسائلها التربوية الأخرى، التي تغذي في نفسه الشجاعة وتنميها، حتى يكون إنسانًا شجاعًا حقًّا، أو غير مفرط في الجبن، في أدنى الحدود.