ماذا يحب الله ورسوله-من يحبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أفراد الناس (يحب النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي)

ماذا يحب الله ورسوله-من يحبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أفراد الناس (يحب النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي)

الوصف

                                                    من يحبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أفراد الناس

                                                    يحب النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي

يحب النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي

عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن الله عز وجل يحب من أصحابي أربعة، أخبرني أنه يحبهم وأمرني أن حبهم قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: إن عليًا منهم، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي».

سلمان الفارسي:

سلمان الفارسي رضي الله عنه، أو سلمان الخير أبو عبد الله بن الإسلام، وهكذا كان يجيب إذا سئل عن نسبه، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان من أولاد الملوك ثم عشق الحق فصار ينتقل في أرض الله الواسعة باحثًا عن الهدى، وشاء الله عز وجل لسلمان أن يصل إلى المدينة قبل أن يهاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم أول الهجرة.

كان سلمان قبل إسلامه مجوسيًّا من أهل الفارس، قال سلمان: «أنا من رام هرمز» وهي مدينة معروفة بأرض فارس بقرب عراق العرب، وذكر أيضًا أنه كان من أهل أصبهان، وأنه من أهل قرية منها يقال لها جي، وتسمى الآن شهرستان. وكان أبو سلمان شيخ قريته ومن حبه الشديد لسلمان حبسه في بيته ملازمًا للنار، وجاهد في المجوسية حتى أصبح خادمها الذي يوقدها ولا يتركها تخبو ساعة لتعظيمهم إياها.

وكان لوالد سلمان ضيعة كبيرة فشغل عنها في بنيان له يومًا فأرسل سلمان ليطلع عليها ويقوم ببعض الأعمال فيها وأمره بعدم التأخر عليه حتى لا يقلق عليه لكونه أهم من ضيعته. فخرج يريد ضيعة أبيه فمر بكنيسة من كنائس النصارى فسمع أصواتهم فيها وهم يصلون، وكان لايدري ما أمر الناس بسبب حبس والده له، فدخل عليهم ينظر ما يصنعون فأعجبته صلاتهم ورغب في أمرهم وقال: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه. فما تركهم حتى غروب الشمس وترك ضيعة أبيه ولم يأتها، وسألهم عن مكان أصل هذا الدين، فقالوا له: بالشام.

ثم رجع سلمان إلى أبيه الذي بعث في طلبه وشغل عن عمله كله بسبب تأخر ابنه، فلم جاءه سأله عن تأخره وإلى أين ذهب، فأخبره سلمان بما جرى معه وأنه أعجب بما رأى من دين النصارى، فقال له أبوه: أي بني، ليس في ذلك الدين خير؛ دينك ودين آبائك خير منه، قال سلمان: كلا والله إنه خير من ديننا. فخافه أبوه فجعل في رجله قيدًا وحبسه في بيته. وبعث سلمان إلى النصارى وطلب منهم أن يخبروه إذا قدم عليهم تجار من النصارى من الشام وقضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم. فلما قدم تجار من نصارى الشام وأرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروه بهم، فألقى الحديد من رجليه ثم خرج معهم حتى قدم الشام.

فلما قدمها سأل عن أفضل أهل هذا الدين، فقالوا: الأسقف في الكنيسة. فجاءه وقال له: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك. قال: فادخل، فدخل معه. قال سلمان: فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال: وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع.

ثم مات الأسقف فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فأخبرهم سلمان بما كان الأسقف يفعله ودلهم على الذهب والفضة فأخرجوها فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه. وكان هذا الأسقف صالحًا زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، فأحبه سلمان حبًا لم يحبه من قبله وأقام معه زمانًا ثم حضرته الوفاة فقال سلمان له: يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبًا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصى بي وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلًا بالموصل وهو فلان؛ فهو على ما كنت عليه فالحق به.

فلما مات الأسقف فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فأخبرهم سلمان بما كان الأسقف يفعله ودلهم على الذهب والفضة فأخرجوها فلما رأهوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه. وكان هذا الأسقف صالحًا زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، فأحبه سلمان حبًا لم يحبه من قبله وأقام معه زمانًا ثم حضرته الوفاة فقال سلمان له: يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبًا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم رجلًا على مثل ما كنا عليه إلا بنصيبين، وهو فلان فالحق به.

فلما مات الأسقف ودفن لحق سلمان بصاحب نصيبين وأقام عنده، فوجده على أمر صاحبيه، فما لبث أن نزل به الموت، فقال له مثلما قال لمن قبله وسأله إلى من يوصي به فقال الأسقف: أي بني، والله ما نعلم أحدًا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلًا بعمورية، فإنه بمثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته.

فلما مات الأسقف ودفن لحق سلمان بصاحب عمورية وأخبره خبره، وأقام عنده فوجده على هدي أصحابه وأمرهم، واكتسب سلمان حتى كان له بقرات وغُنَيْمَة، ثم نزل بالأسقف أمر الله، وقال له سلمان كنا قال لمن قبله وسأله إلى من يوصي به، فقال الأسقف: أي بني، والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي، هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرًا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل. ثم مات هذا الأسقف الذي أكد على أنه لما يعد في الأرض وبعده من هو على الدين الذي أرسل الله به عيسى ابن مريم عليه السلام؛ وذلك كمقدمة للنبي الجديد الذي سيرسله الله برسالة جديدة على التوحيد الذي كان عليه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

وبعد دفن الأسقف مكث سلمان بعمورية ما شاء الله أن يمكث، ثم مر به نفر من قبيلة كلب تجارًا، فطلب منهم أن يحملوه إلى أرض العرب ويعطيهم بقراته وغُنَيْماته، فحملوه معهم حتى إذا قدموا به وادي القرى ظلموه وباعوه من رجل من يهود عبدًا بعد أن كان حُرًّا. فكان عند اليهودي ورأى النخل ورجا أن تكون البلد الذي وصف له صاحبه. وبينما سلمان عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة، فابتاع سلمان منه فاحتمله إلى المدينة، قال سلمان: فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر، وبينما أنا في بعض العمل وسيدي جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال: فلان قاتل الله بني قليلة؛ والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي. قال سلمان: فلما سمعتها أخذتني العروراء (القشعريرة) حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء إنما أردت أن أستثبت عما قال.

وقد كان عند سلمان شيء قد جمعه، فلما أمسى أخذه ثم ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخل عليه، فقال له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال: فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «كلوا» وأمسك يده فلم يأكل، فقلت في نفسي: هذه واحدة. ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئت به فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد، وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صحابي، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله صىلى الله عليه وسلم «تحول» فتحولت، فقصصت عليه حديثي، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه.