ماذا يحب الله ورسوله-من يحبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أفراد الناس (يحب النبي صلى الله عليه وسلم المقداد)

ماذا يحب الله ورسوله-من يحبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أفراد الناس (يحب النبي صلى الله عليه وسلم المقداد)

الوصف

                                                   من يحبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أفراد الناس

                                                         يحب النبي صلى الله عليه وسلم المقداد

يحب النبي صلى الله عليه وسلم المقداد

عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن الله عز وجل يحب من أصحابي أربعة، أخبرني أنه يحبهم وأمرني أن أحبهم».

 قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال:

«إن عليا منهم، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي».

المقداد بن الأسود الكندي:

المقداد بن عمرو رضي الله عنه ويقال له المقداد بن الأسود؛ لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه فصار ينسب إليه، والكندي؛ لأن أباه كان حليفًا لكندة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السبعة الذين كانوا أول من أظهروا إسلامهم وتحمل نتيجة ذلك من تعذيب قريش له، وهو أول فرسان الإسلام ومن الشجعان المعروفين، فإذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الفزعة كان المقداد أول من يفزع؛ وفي غزوة ذي قرد لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القتال كان أول من انتهى إليه من الفرسان المقداد رضي الله عنه.

أما في غزوة بدر فقد كان للمقداد مشهد عظيم، تمنى ابن مسعود لأن يكون هو صاحبه، وأن هذا المشهد أحب إليه مما على الأرض من شيء؛ قال ابن مسعود:

«شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به؛ أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا) ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك. فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره، يعني قوله»

مواقف المقداد مع النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة منها ما يرويه بنفسه فيقول:

«أقبلت أنا وصحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هذا اللبن بيننا قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه، قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان، قال: ثم يأتي المسجد فيصلي، ثم يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم ما يه حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلما أن وغلت في بطني وعلمت أنه ليس إليها سبيل قال: ندمني الشيطان، فقال: ويحك ما صنعت أشربت شراب محمد فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك؟ وعلي شملة إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي وإذا وضعتها على رأسي خرجت قدماي وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت، قال: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم، ثم أتى المسجد فصلى ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئًا فرفع رأسه إلى السماء فقلت: الآن يدعو علي فأهلك، فقال: اللهم أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي حافلة، وإذا هن حفل كلهن، فعمدت إلى إناء لآل محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه، قال: فحلبت فيه حتى عَلَتْهُ رَغْوَة فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشربتم شرابكم الليلة؟ قال: قلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني، فقلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني، فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي وأصبت دعوته ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: إحدى سوآتك يا مقداد فقلت يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا وفعلت كذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذه إلا رحمة من الله، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها قال: فقلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبْتَها وأصبْتُهَا معك من أصابها من الناس».

فقد كان عند المقداد حزن شديد خوفًا من أن يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم لكونه أذهب نصيب النبي صلى الله عليه وسلم وتعرض لأذاه، فلما علم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي وأجيبت دعوته فرح وضحك حتى سقط إلى الأرض من كثرة ضحكه لذهاب ما كان به من الحزن وانقلابه سرورًا بشرب النبي صلى الله عليه وسلم وإجابة دعوته لمن أطعمه وسقاه وجريان ذلك على يد المقداد وظهور هذه المعجزة، ولتعجبه من قبح فعله أولًا وحسنه آخرًا؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:

«إحدى سوآتك يا مقداد»

أي إنك فعلت سوءة من الفعلات ما هي؟ فأخبره خبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

«ما هذه إلا رحمة من الله»

أي إحداث هذا اللبن في غير وقته وخلاف عادته وإن كان الجميع من فضل الله تعالى.