ماذا يحب الله ورسوله-مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس (يحب الله المتوكلين)

ماذا يحب الله ورسوله-مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس (يحب الله المتوكلين)
315 0

الوصف

                                                    مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس

                                                            يحب الله المتوكلين

يحب الله المتوكلين

قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)

التوكل:
التوكل في اللغة: إظهار العجز والاعتماد على الغير؛ يقال وكلت أمري إلى فلان، أي؛ ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه، ووكل فلان فلانًا استكفاه أمره ثقة بكفايته، والمراد بالتوكل التوكل على الله – عزَّ وجلَّ -؛ وهو عمل قلبي ليس بقول اللسان، ولا عمل الجوارح، ولا هو من باب العلوم والإدراكات. ومن الناس: من يفسره بالاسترسال مع الله مع ما يريد. ومنهم: من يفسره بالرضى بالمقدور. وقال بعضهم: التوكل التعلق بالله في كل حال. وقيل غير ذلك؛ وحقيقة الأمر أن التوكل حال مركبة من مجموعة أمور: معرفة بالرب وصفاته، إثبات في الأسباب والمسببات، رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل فلا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، اعتماد القلب على الله تعالى واستناده إليه وسكونه إليه، حسن الظن بالله – عزَّ وجلَّ -، استسلام القلب له، التفويض، الرضى؛ وهي ثمرة التوكل. ومن فسر التوكل بها فإنما فسره بأجل ثمراته، وأعظم فوائده. فإنه إذا توكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله. وأجمع القوم على أن التوكل لا ينافي القيام بالأسباب. فلا يصح التوكل إلا مع القيام بها وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد. فقد كان التوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم والكسب سنته. فمن طعن في الحركة فقد طعن في السنة. ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان.

والتوكل هو منزل من منازل الدين ومقام من مقامات الموقنين، بل هو من معالي درجات المقربين؛ وأعظم بمقام موسوم بمحبة الله تعالى صاحبه، ومضمون كفاية الله تعالى مُلابسه، فمن الله تعالى حسبه وكافيه ومحبه ومراعيه: فقد فاز الفوز العظيم، فإن المحبوب لا يعذب ولا يبعد ولا يحجب.

المتوكلون:
المتوكلون هم الذين يتوكلون على الله ويعتمدون عليه مع إظهار العجز، ويفوِّضون جميع أمورهم إليه.. ويثقون بالله ويوقنون بأن قضاءه ماض، ويتبعون سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لا بد منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرزٍ من عدو وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة.. ولا يطمئنون إلى شيء من تلك الأسباب ولا يلتفتون إليها بالقلوب ولا يتعاطونها إلا بحكم الأمر، فإنها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًا، بل السبب والمسبب فعل الله تعالى، والكل منه وبمشيئته.

المتوكل:
المتوكل هو الذي ترك الاختيار والتدبير في رجاء زيادة أو خوف نقصان أو طلب صحة أو فرار من سقم، وعلم أن الله على كل شيء قدير، وأنه المتفرد بالاختيار والتدبير، وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه، وأنه أعلم بمصلحته من العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه، وأنصح للعبد منه لنفسه، وأرحم به منه بنفسه، وأبر به منه بنفسه. وعلم مع ذلك أنه لا يستطيع أن يتقدم بين يدي تدبيره خطوة واحدة ولا يتأخر عن تدبيره له خطوة واحدة، فلا متقدم له بين يدي قضائه وقدره ولا متأخر، فألقى نفسه بين يديه وسلم الأمر كله إليه، وانطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف بين يدي ملك عزيز قاهر، له التصرف في عبده بكل ما يشاء، وليس للعبد التصرف فيه بوجه من الوجوه، فاستراح حينئذ من الهموم والغموم والأنكاد والحسرات، وحمَّل كَله وحوائجه ومصالحة مَن لا يبالي بحملها ولا يثقله ولا يكترث بها، فتولاها دونه وأراه لطفه وبرَّه ورحمته وإحسانه فيها من غير تعب من العبد ولا نصب ولا اهتمام منه؛ لأنه قد صرف اهتمامه كله إليه وجعله وحده همه فصرف عنه اهتمامه بحوائجه ومصالح دنياه وفرَّغ قلبه منها..

والله سبحانه قد أمر العبد بأمر وضمن له ضمانًا، فإن قام بأمره بالنصح والصدق والإخلاص والاجتهاد، قام الله سبحانه له بما ضمنه له من الرزق والكفاية والنصر وقضاء الحوائج، فإنه سبحانه ضمن الرزق لمن عَبَدَه، والنصر لمن توكل عليه واستنصر به، والكفاية لمن كان هو همه ومراده، والمغفرة لمن استغفره، وقضاء الحوائج لمن صدقه في طلبها ووثق به وقوي رجاؤه وطمعه في فضله وجوده. (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)