ماذا يحب الله ورسوله- مَن يبغضهم الله من الناس (يمقت الله المجادلين في آياته)

ماذا يحب الله ورسوله- مَن يبغضهم الله من الناس (يمقت الله المجادلين في آياته)
243 0

الوصف

                                                     مَن يبغضهم الله من الناس

                                                    يمقت الله المجادلين في آياته

يمقت الله المجادلين في آيات الله

قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) .

المجادلون في آيات الله:
المجادلون في آيات الله هم الذين يدفعون الحق بالباطل، ويجادلون الحجج بغير دليلٍ وحجةٍ معهم من الله تعالى، فإن الله – عزَّ وجلَّ – يمقت على ذلك أشد المقت؛ ولهذا قال تعالى: (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي؛ والمؤمنون أيضًا يبغضون مَن تكون هذه صفته. والمقت: أشد البغض.

ومَن كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه، فلا يعرف بعد ذلك معروفًا، ولا ينكر منكرًا؛ ولهذا قال تبارك وتعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) أي؛ كما طبع الله على قلوب هؤلاء المجادلين؛ فكذلك (يَطْبَعُ اللَّهُ) ، أي؛ يختم على كل قلب متكبر جبار حتى لا يعقل الرشاد ولا يقبل الحق. قال قتادة: آية الجبابرة القتل بغير حق، والله تعالى أعلم.

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) . أي؛ وهؤلاء الذين يجادلون في آيات الله، ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة، بلا برهان ولا حجة من الله، (إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ) أي؛ ما في صدورهم إلا كبر على اتباع الحق، واحتقار لمن جاءهم به، وليس ما يرومونه – من إخماد وإعلاء الباطل – بحاصل لهم، بل الحق هو المرفوع، وقولهم وقصدهم هو الموضوع.

وهؤلاء الذين يجادلون المؤمنين في دينهم ويخاصمونهمو يحاجونهم في الله؛ عليهم غضب من الله، قال عزَّ وجلَّ: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ)

وهؤلاء المجادلون هم اليهود والنصارى الذين يجادلون المسلمين، ويصدونهم عن الهدى، ويقولون للمسلمين: نحن أولى بالله منكم، لأنَّا أبناء الله وأحباؤه، ولتقدم آبائنا وكتبنا. ويقولون لهم أيضًا: ديننا خير من دينكم، ونبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن خير منكم وأولى بالله منكم. ويرون لأنفسهم الفضيلة بأنهم أهل الكتاب وأنهم أولاد الأنبياء.

وهم الذين يخاصمون في دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، ويقولون للمسلمين: ديننا أفضل من دين الإسلام، وحضارتنا أفضل من حضارة المسلمين، وشريعتنا متقدمة ومتفوقة على شريعة الإسلام، وديننا يتطور ويناسب كل عصر والإسلام فات زمانه ولم يعد مناسبًا لهذا العصر ولا لما بعده من العصور.

وهم المشركون وأهل الضلالة الذين يجادلون المؤمنين ليصدونهم عن الهدى، ويعمعوا أن تعود الجاهلية.

وقد توعد الله تعالى جميع هؤلاء الذين يصدون المسلمين عن سبيل الله، والذين يجادلون المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله، ليصدوهم عما سلكوه من طريق الهدى؛ فبيَّن سبحانه أنه يمقتهم، وأن حجتهم باطلة عند الله، وعليهم غضب منه تعالى، ولهم عذاب شديد يوم القيامة.

وأمر الله تعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يرد على هؤلاء جميعًا، فقال تعالى: (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) ، أي؛ قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وادَّعوا أنهم أولى بالله منكم لقدم آبائهم وكتبهم: أتحاجوننا في الله، وتزعمون أن دينكم أفضل من ديننا، وأنكم على هدى ونحن على ضلالة، ببرهان من الله تعالى فتدعوننا إلى دينكم؟ فهاتوا برهانكم على ذلك فنتبعكم عليه!

ثم قال عزَّ وجلَّ لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد إن ادَّعوا أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودًا أو نصارى: أأنتم أعلم بهم وبما كانوا عليه من الأديان أم الله؟ فهاتوا على دعواكم ما ادعيتم من ذلك برهانًا فنصدقكم! فإن الله قد جعلهم أئمة يُقتدى بهم. فأنكر تعالى عليهم في دعواهم أن إبراهيم ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط كانوا على ملتهم، إما اليهودية وإما النصرانية، وقد أخبر أنهم لم يكونوا هودًا ولا نصارى، فقال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

ثم توعدهم الله وعيدًا شديدًا، أن علمه محيط بعملهم وسيجزيهم عليه، قال عزَّ وجلَّ: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) . قال الحسن البصري: كانوا يقرؤون في كتاب الله الذي أتاهم إن الدين الإسلام، وإن محمدًا رسول الله، وإن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا براء من اليهودية والنصرانية، فشهدوا لله بذلك وأقروا على أنفسهم الله، فكتموا شهادة الله عنهم من ذلك.

ويقول الله تعالى مرشدًا نبيَّه صلوات الله وسلامه عليه، إلى درء مجادلة المشركين أيضًا: (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ) أي؛ تناظروننا في توحيد الله والإخلاص له، والانقياد، واتباع أوامره، وترك زواجره، (وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ) بيده الخيرات، وإليه الثواب والعقاب، والجزاء على الأعمال، الحسنات منها والسيئات، المتصرف فينا وفيكم، المستحق لإخلاص الإلهية له وحده لا شريك له، (وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ) أي؛ نحن براء منكم ومما تعبدون وأنتم براء منا.

فأما قوله: (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) فإنه يعني: ونحن لله مخلصو العبادة والطاعة لا نشرك به شيئًا، ولا نعبد غيره أحدًا، كما عبد أهل الأوثان معه الأوثان، وأصحاب العجل معه العجل. وهذا من الله – تبارك وتعالى – توبيخ لليهود والنصارى والمشركين، واحتجاج لأهل الإيمان، بقوله تعالى للمؤمنين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: قولوا أيها المؤمنون لليهود والنصارى الذين قالوا لكم: كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا: أتحاجوننا في دين الله الذي أمرنا أن ندينه به، وربنا وربكم واحد عدل لا يجور، وإنما يجازي العباد على ما اكتسبوا. وأن لكل فريق منا ما عمل واكتسب من صالح الأعمال وسيئها، ويجازى فيثاب أو يعاقب، لا على الأنساب وقدم الدين والكتاب، وتزعمون أنكم أولى بالله منا لقدم دينكم وكتابكم ونبيكم، ونحن مخلصون له العبادة لم نشرك به شيئًا، وقد أشركتم في عبادتكم إياه، فعبد بعضكم العجل وبعضكم المسيح. فأنى تكونوا خيرًا منا، وأولى بالله منا؟!.