ماذا يحب الله ورسوله-من يبغضهم الله (أبغض الخلق إلى الله الخوارج)

ماذا يحب الله ورسوله-من يبغضهم الله (أبغض الخلق إلى الله الخوارج)
241 0

الوصف

                                                    من يبغضهم الله

                                               أبغض الخلق إلى الله الخوارج

أبغض الخلق إلى الله الخوارج

عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أن الحَروريَّة لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا: لا حكم إلا الله. قال علي: كلمة حق أريدَ بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسًا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم – وأشار إلى حلقه – من أبغض خلق الله إليه".

الخوارج:
الخوارج جمع خارجة، أي؛ طائفة، وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين وخروجهم على الجماعة، وأصل بدعتهم أنهم خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكانوا ينكرون عليه ويتبرءون منه، ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله، وانتقلوا إلى الفعل فاستعرضوا الناس فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين، ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت وكان واليًا لعلي على بعض تلك البلاد ومعه سرية وهي حامل فقتلوه بطن سريته عن ولد، فبلغ عليًا فخرج إليهم بجيشه فأوقع بهم بالنهروان، ولم ينج منهم إلا دون العشرة ولا قُتل ممن معه إلا نحو العشرة.

ثم انضم إلى من بقي منهم مَن مال إلى رأيهم فكانوا مختفين في خلافة علي حتى كان منهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل عليًا في المسجد عند صلاة الصبح، ثم لما وقع صلح الحسن ومعاوية ثارت منهم طائفة فأوقع بهم عسكر الشام بمكان يقال له النجيلة، ثم كانوا منقمعين في إمارة زياد وابنه عبيد الله على العراق طول مدة معاوية وولده يزيد، وظفر زياد وابنه منهم بجماعة فأبادهم بين قتل وحبس طويل، فلما مات يزيد ووقع الافتراق وولي الخلافة عبد الله بن الزبير وأطاعه أهل الأمصار إلا بعض أهل الشام ثار مروان فادعى الخلافة وغلب على جميع الشام إلى مصر، فظهر الخوارج حينئذ بالعراق مع نافع بن الأزرق، وباليمامة مع نجدة بن عامر وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر ولو اعتقد معتقدهم، وعظم البلاء بهم وتوسعوا في معتقدهم الفاسد فأبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الإبط وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها وكفروا من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادرًا، وإن لم يكن قادرًا فقد ارتكب كبيرة، وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر، وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لهم مطلقًا وتركوا قتال المشركين وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبي والنهب، ولم يزل البلاء بهم يزيد إلى أن أُمِّر المهلب بن أبي صفرة على قتالهم فطاولهم حتى ظفر بهم وتقلل جمعهم، ثم لم يزل منهم بقايا تكاثرت فيما بعد وانتشرت في بعض البلاد.

وقد تفرع عن الخوارج فرق كثيرة؛ قال ابن حزم: ذهب نجدة بن عامر من الخوارج إلى أن من أتى صغيرة عذب بغير النار، ومن أدمن على صغيرة فهو كمرتكب الكبيرة في التخليك في النار، وذكر أن منهم من غلا في معتقدهم الفاسد فأنكر الصلوات الخمس وقال: الواجب صلاة بالغداة وصلاة بالعشي، ومنهم من جوز نكاح بنت الابن وبنت الأخ والأخت، ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن؛ وأن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن عند الله ولو اعتقد الكفر بقلبه.

لقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخوارج وذكرهم في أكثر من حديث، فعندما قسم صلى الله عليه وسلم غنيمة بين بعض المسلمين "أقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق فقال: اتق الله يا محمد، فقال:

"من يطع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني؟" فسأله رجل قتله – أحسبه خالد بن الوليد – فمنعه، فلما ولَّى قال: "إن من ضئضئ هذا – أو في عقب هذا – قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"؛

فمن أصل هذا قوم يخرجون من الدين ومن طاعة الإمام كما يخرج السهم من الرمية، وهذه صفة الخوارج الذين كانوا لا يطيعون الخلفاء، وهم يقتلون المسلمين ويتركون المشركين، وهو مما أخبر به صلى الله عليه وسلم من المغيبات فوقع كما قال. ولو أدرك النبي صلى الله عليه وسلم خروجهم واعتراضهم المسلمين بالسيف لقتلهم قتلًا عامًا واستأصلهم كما استأصل الله تعالى قوم عاد؛ ففي قتلهم أجرًا كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر:

"يأتي في آخر الزمان قوم حُدَثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة"،

وهذا بالرغم من أنهم يبالغون في الصلاة والصيام والعمل وقراءة القرآن كما قال صلى الله عليه وسلم:

"يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع علمهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"،

ففي قوله:

"فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم"، قال النووي: هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج والبغاة وهو إجماع العلماء، قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام وخالفوا رأي الجماعة وشقوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهم والاعتذار إليه، قال الله تعالى: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) ، لكن لا يجهز على جريحهم ولا يتبع منهزمهم ولا يقتل أسيرهم ولا تباح أموالهم، وما لم يخرجوا عن الطاعة وينتصبوا للحرب لا يقاتَلون بل يوعظون ويستتابون من بدعتهم وباطلهم وهذا كله ما لم يكفروا ببدعتهم، فإن كانت بدعة مما يكفرون به جرت عليهم أحكام المرتدين.