ماذا يحب الله ورسوله-ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور (يكره النبي صلى الله عليه وسلم السآمة على أصحابه)
الوصف
ما يكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور
يكره النبي صلى الله عليه وسلم السآمة على أصحابه
يكره النبي صلى الله عليه وسلم السآمة على أصحابه
عن ابن مسعود قال:
«كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا»
الدعوة إلى الله تعالى:
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس في الدعوة إلى الله عز وجل، وكان أعلم الناس فيما يدعو إليه وأقواهم خبرة في أساليب الدعوة وطرقها وفنونها، وهو الذي قال الله تعالى له: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
وقد كان لسياسته الحكيمة عظيم الأثر في نجاح دعوته، وإنشاء دولته، وقوة سلطانه، ورفعة مقامه، إذ لم يعرف في تاريخ السياسات البشرية أن رجلًا من الساسة المصلحين في أية أمة من الأمم، كان له مثل هذا الأثر العظيم.
وأحد الأمثلة على سياسته الحكيمة في الدعوة إلى الله تعالى: أنه كان عليه الصلاة والسلام يتخول أصحابه بالموعظة، أي يراعي الأوقات في تذكيرهم بالله، ويتحرى أوقات الحاجة والفراغ والنشاط إلى استماع الموعظة، ولا يفعل ذلك كل يوم حتى لا يملوا وينفروا، حتى لا يجعل الوعظ على الناس ركامًا فيتثاقلوا عن سماعه ويفوتهم كثير من إرشاداته النافعة، ونصائحه الغالية.
ومن ذلك نعلم أنه يستحب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال، وإن كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسمين: إما كل يوم مع عدم التكلف. وإما يومًا بعد يوم فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليقبل على الثاني بنشاط، وإما يومًا أو يومين في الأسبوع، ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط.
وقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
«يذكر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السامة علينا»
وقريب من تخول النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم وتحري الأوقات المناسبة للدعوة إلى الله تعالى أنه كان صلوات الله وسلامه عليه يشوقهم إلى العلم بالشيء الذي يريد بيانه بالاستفهام عنه كفعله مع معاذ بن جبل، فعن معاذ رضي الله عنه قال: بينما أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، فقال:
«يا معاذ قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل، قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم»
لقد كرر النبي صلى الله عليه وسلم نداء معاذ رضي الله عنه ساعة بعد ساعة ثلاث مرات لتأكيد الاهتمام بما يخبره وليكمل تنبه معاذ فيما يسمعه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يَسِّرُوا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»
فالدعوة إلى الله خاصة إلى من هم حديثو عهد بالإسلام تحتاج إلى التيسير لا التعسير، وإلى التبشير لا التنفير، كذلك ينبغي التدرج بالدعوة، وتأليف قلوب الناس وعدم التشديد عليهم لئلا يسأموا وينفروا، فالشيء إذا كان في ابتدائه سهلًا حبب إلى من يدخل فيه وتلقاه بانبساط، وكانت عاقبته غالبًا الازدياد، بخلاف ضده، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى أهل اليمن لم يأمره بتبليغ الإسلام جملة واحدة، بل أمره بالتدرج في تبليغه وقال له:
«إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب»
فهذا هو المنهج الصحيح للدعوة إلى الله تعالى الذي ينبغي للدعاة أن يسلكوه مع من يريدون دعوتهم، فيقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة؛ فيختاروا الأوقات المناسبة التي يكون فيها الناس على استعداد لسماع الوعظ والإرشاد وتلقي العلم وقبوله، ويشوقهم إلى العلم بالأشياء التي يريدون بيانها لهم، ويتدرجوا في تعليمهم وتحميلهم الأحمال المناسبة.
هذا بالإضافة إلى الصفات الضرورية الثلاثة التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية إلى الله والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وهي: العلم، والرفقـ، والصبر.