ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب الله من الأمور (يرضى الله عن الشكر)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يحب الله من الأمور (يرضى الله عن الشكر)
197 0

الوصف

                                                    ما يحب الله من الأمور

                                                     يرضى الله عن الشكر

يرضى الله عن الشكر

قال الله تعالى: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)

الشكر:
الشكر في عبارات العلماء معناه: الاجتهاد في بذل الطاعة مع الاجتناب للمعصية في السر والعلانية

وقيل: الشكر حقيقته الاعتراف بالنعمة للمنعم واستعمالها في طاعته، والكفران استعمالها في المعصية، وقليل من يعقل ذلك.

وقيل: الشكر لمن فوقك بالطاعة، ولنظيرك بالمكافأة، ولمن دونك بالإحسان والإفضال.

والشكر على ثلاث درجات: الأولى: الشكر على المحاب، وهو الاعتراف بنعمه سبحانه، والثناء عليه بها، والإحسان إلى خلقه منها، وهذا بلا شك يوجب حفظها على الشاكر والمزيد منها.

والثانية: الشكر على المكاره، وهو أشد وأصعب من الشكر على المحاب.

والثالثة: ألا يشهد العبد إلا المنعم، وهذه الدرجة يستغرق صاحبها بشهود المنعم عن النعمة، فلا يتسع شهوده للمنعم ولغيره.

قال الله تعالى: (وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) إن فعل الشكر وترك الكفر لا يتم إلا بمعرفة ما يحبه الله تعالى عما يكرهه، إذ معنى الشكر استعمال نعمه تعالى في محابه، ومعنى الكفر نقيض ذلك إما بترك الاستعمال أو باستعمالها في مكارهه.

ولتمييز ما يحبه الله تعالى مما يكرهه مدركان: أحدهما، السمع، ومستنده الآيات والأخبار، والثاني: بصيرة القلب، وهو النظر بعين الاعتبار، وهذا الأخير عسير، وهو لأجل ذلك عزيز، فلذلك أرسل الله تعالى الرسل وسهل بهم الطريق على الخلق، ومعرفة ذلك تنبني على معرفة جميع أحكام الشرع في أفعال العباد، فمن لا يطلع على أحكام الشرع في جميع أفعاله لم يمكنه القيام بحق الشكر أصلا.

وأما الثاني وهو النظر بعين الاعتبار فهو إدراك حكمة الله تعالى في كل موجود خلقه، إذ ما خلق شيئا في العالم إلا وفيه حكمة وتحت الحكمة مقصود وذلك المقصود هو المحبوب.. وكل من استعمل شيئا في جهة غير الجهة التي خلق لها ولا على الوجه الذي أريد به فقد كفر فيه نعمة الله تعالى. وكل من استعمل شيئا في غير طاعة الله فقد كفر نعمة الله في جميع الأسباب التي لا بد منها لإقدامه على تلك المعصية. ومثال على ذلك فإن من عامل معاملة الربا على المال فقد كفر النعمة وظلم، لأن المال خلق لغيره لا لنفسه إذ لا غرض في عينه، فإذا أتجر في عينه فقد اتخذه مقصودا على خلاف وضع الحكمة، إذ طلب النقد لغير ما وضع له ظلم، فمن فهم حكمة الله تعالى في جميع أنواع الموجودات قدر على القيام بوظيفة الشكر.

وقد قال الله تعالى: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) لا يقصر بالخلق عن شكر النعمة إلا الجهل والغفلة. فإنهم يمنعون بالجهل والغفلة عن معرفة النعم، ولا يتصور شكر النعمة إلا بعد معرفتها، ثم إنهم إن عرفوا نعمة ظنوا أن الشكر عليها أن يقول بلسانه فقط: الحمد لله، الشكر لله، ولم يعرفوا أن معنى الشكر أن يستعمل النعمة في إتمام الحكمة التي أريدت بها وهي طاعة الله – عز وجل- فلا يمنع من الشكر بعد حصول هاتين المعرفتين إلا غلبة الشهوة واستيلاء الشيطان، وقد فرح إبليس بقوله: (وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)

أما الغفلة عن النعم فلها أسباب، وأحد أسبابها أن الناس بجهلهم لا يعدون ما يعم الخلق ويسلم لهم في جميع أحوالهم نعمة، فلذلك لا يشكرون على النعم التي تعمهم وتحيط بهم.. فإن ابتلى واحد منهم ببلاء أو سلبت منه نعمة من نعم الله تعالى ثم نجا ربما قدر ذلك نعمة وشكر الله عليها، وهذا غاية الجهل إذ صار شكرهم موقوفا على أن تسلب عنهم النعمة ثم ترد عليهم في بعض الأحوال، وما من عبد يمعن النظر في أحواله إلا ويرى من الله نعمة أو نعما كثيرة تخصه لا يشاركه فيها الناس كافة بل يشاركه عدد يسير منهم وربما لا يشاركه فيها أحد.

إن إنسانا أرسله الله رحمة للعالمين وجعله سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقوم في الصلاة حتى تتورم قدماه لأجل أن يشكر الله على نعمه عليه، قالت عائشة رضي الله عنها:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه، قالت عائشة: يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا"

والحديث يبين أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان كما قال الله تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا) أي: اعملوا عملا هو الشكر على ما أنعم به عليكم في الدين والدنيا. وكأن الصلاة والصيام والعبادات كلها هي في نفسها الشكر إذ سدت مسده. فظاهر القرآن والسنة أن الشكر بعمل الأبدان دون الاقتصار على عمل اللسان، فالشكر بالأفعال عمل الأركان، والشكر بالأقوال عمل اللسان.

وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم:

"التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر"

، وقال تعالى: (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) ، يعود نفع الشكر وثوابه على الشاكر نفسه لقوله تعالى: (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:

"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له..

والله –عز وجل- غني عن العباد لا يتضرر بذلك ولو كفر أهل الأرض كلهم جميعا فإنه الغني عمن سواه، فلا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه.

(وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)