ماذا يحب الله ورسوله- ما يحب الله من الأمور (يحب الله الحياء والستر)
الوصف
ما يحب الله من الأمور
يحب الله الحياء والستر
يحب الله الحياء والستر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله عزَّ وجلَّ حَيي ستِّير يحب الحياء والستر".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ والحياء شعبة من الإيمان".
وقد
"كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها".
الحياء:
الحياء في اللغة من الحياة. واستحيا الرجل من قوة الحياة فيه لشدة علمه بمواقع الغيب، فالحياء من قوة الحس ولطفه وقوة الحياة. وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خُلُق الحياء. وقلة الخياة من موت القلب والروح. فكلما كان القلب أحيى كان الحياء أتم. والحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب، والترك إنما هو من لوازمه. وفي الشرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وقيل: الحياء رؤية النعم ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء. وإنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان عريزة؛ لأنه قد يكون تخلقًا واكتسابًا كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم فهو من الإيمان بهذا، ولكونه باعثًا على أفعال البر ومانعًا من المعاصي.
والحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه: أحدها حياؤه من الله تعالى، والثاني حياؤه من الناس، والثالث حياؤه من نفسه. فأما حياؤه من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"استحيوا من الله تعالى حق الحياء، مَن استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطنو ما هوى، وليذكر الموت والبِلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء"..
وهذا الحياء يكون من قوة الدين وصحة اليقين.
وأما حياؤه من الناس فيكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح.. وهذا النوع من الحياء قد يكون من كمال المروءة وحب الثناء.. وأما حياؤه من نفسه فيكون بالعفة وصيانة الخلوات.. وهذا النوع من الحياء قد يكون من فضيلة النفس وحسن السريرة؛ فمتى كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة فقد كملت فيه أسباب الخير وانتفت عنه أسبا الشر وصار بالفضل مشهورًا وبالجميل مذكورًا.. وإن أخل بأحد وجوه الحياء لحقه من النقص بإخلاله بقدر ما كان يلحقه من الفضل بكماله.
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
"الحياء لا يأتي إلا بخير"،
وقال صلى الله عليه وسلم:
"الحياء خير كله".
يحتمل أن يكون أشير إلى أن من كان الحياء من خلقه أن الخير يكون فيه أغلب فيضمحل ما لعله يقع منه مما ذكر في جنب ما يحصل له بالحياء من الخير، أو لكونه إذا صار عادة وتخلق به صاحبه يكون سببا لجلب الخير إليه فيكون منه الخير بالذات والسبب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"إذا لم تستح فاصنع ما شئت"
فالحكمة في التعبير بلفظ الأمر دون الخبر في الحديث أن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء فإذا تاركه صار كالمأمور طبعا بارتكاب كل شر.. وقيل: هو أمر تهديد معناه، إذا نزع منك الحياء فافعل ما شئت فإن الله مجازيك عليه، وفيه إشارة إلى تعظيم أمر الحياء. وقيل: هو أمر بمعنى الخبر، أي، من لا يستحي يصنع ما أراد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما كان الحياء في شيء إلا زانه"
فقوله: "في شيء" فيه مبالغة، أي، لو قدر أن يكون الحياء في جماد لزانه فكيف بالإنسان؟
الستر:
قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُّوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)
أمر الله- عز وجل- بني آدم بتغطية العورات وستر الأجسام، لأنه يحب الستر ويبغض التعري، وكذلك أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالستر والاعتناء بحفظ العورة ونهى عن التعري، فقال صلى الله عليه وسلم:
"لا تمشوا عراة"
، وقال صلى الله عليه وسلم:
"إذا اغتسل أحدكم فليستتر"
وقال صلى الله عليه وسلم:
"احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: "إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها"، قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خاليا، قال: "الله أحق أن يستحيا منه من الناس"، قال السندي: "أي، فاستر طاعة له وطلبا لما يحبه منك ويرضيه، وليس المراد فاستر منه إذ لا يمكن الاستتار منه تعالى"، وقال عليه الصلاة والسلام:
"أما علمت أن الفخذ عورة"
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى"
، لأن المرأة مأمورة بالتستر والتحفظ من أن يراها أجنبي ولا يجوز لها أن تكشف عورتها إلا عند زوجها، فإذا لم تتق الله تعالى وخلعت ثيابها الساترة لها في غير بيت زوجها وكشفت أعضاءها فقد هتكت الستر الذي أمرها الله تعالى به، وهتكت حجاب الحياة وجلباب الأدب.
فالله – عز وجل- (حيي) كثير الحياء فلا يرد من سأله، (ستير) تارك لحب القبائح ساتر للعيوب والفضائح، من شأنه وإرادته حب الستر والصون. يحب الحياء والستر من العبد ليكون متخلقا بأخلاقه تعالى، فهو تعريض للعباد وحث لهم على تحري الحياء والستر وعدم التعري.