ماذا يحب الله ورسوله- ما يحب الله من الأمور (يحب الله الجمال)

ماذا يحب الله ورسوله- ما يحب الله من الأمور (يحب الله الجمال)
190 0

الوصف

                                                    ما يحب الله من الأمور

                                                    يحب الله الجمال

يحب الله الجمال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله جميل يحب الجمال"

إن الله جميل:
قيل إن معناه أن كل أمره سبحانه وتعالى حسن جميل وله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال، وقيل: جميل بمعنى مجمل ككريم وسميع بمعنى مكرم ومسمع. وقيل: معناه جليل. وقيل إنه بمعنى ذي النور والبهجة أي، مالكهما، وقيل: معناه جميل الأفعال بكم باللطف والنظر إليكم يكلفكم اليسير من العمل ويعين عليه ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه.

ولو فرضت الخلق كلهم على أجملهم صورة وكلهم على تلك الصورة، ونسبت جمالهم الظاهر والباطن إلى جمال الرب سبحانه لكان أقل من نسبة سراج ضعيف إلى قرص الشمس، ويكفي في جماله أنه لو كشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سبحاته ما انتهى إليه بصره من خلقه، ويكفي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة فمن آثار صنعته، فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال؟!

الجمال:
الجمال يدخل فيه الجمال من كل شيء: جمال الباطن الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، وجمال الظاهر الثياب والهيئة والوجه البشوش والكلام والصوت الحسن والأفعال الحسنة... كما قال عليه الصلاة والسلام:

"إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"

فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده، فإنه من الجمال الذي يحبه، وذلك من شكره على نعمه وهو جمال باطن، فيحب أن يرى على عبده الجمال الظاهر بالنعمة، والجمال الباطن بالشكر عليها.

والجمال في الصورة واللباس والهيئة ثلاثة أنواع: منه ما يحمد، ومنه ما يذم، ومنه ما لا يتعلق به مدح ولا ذم. فالمحمود منه ما كان لله وأعان على طاعة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة له كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجمل للوفود. وهو نظير لباس آلة الحرب للقتال ولباس الحرير في الحرب والخيلاء فيه. فإن ذلك محمود إذا تضمن إعلاء كلمة الله ونصر دينه وغيظ عدوه. والمذموم منه ما كان للدنيا والرياسة والفخر والخيلاء والتوسل إلى الشهوات، وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه.. وأما ما لا يحمد ولا يذم هو ما خلا عن هذين القصدين وتجرد عن الوصفين.

والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين عظيمين: فأوله معرفة، وآخره سلوك، فيعرف الله سبحانه بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء، ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق، فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل، وجوارحه بالطاعة، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظفار، فيعرفه بصفات الجمال ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة، فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه، ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه، فجمع الحديث قاعدتين: المعرفة والسلوك.