ماذا يحب الله ورسوله-ما يبغض الله من الأمور (لا يحب الله العقوق)

ماذا يحب الله ورسوله-ما يبغض الله من الأمور (لا يحب الله العقوق)
201 0

الوصف

                                                    ما يبغض الله من الأمور
                                                         لا يحب الله العقوق

لا يحب الله العقوق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله لا يحب العقوق"

العقوق:
العق هو الشق والقطع، وهو ضد البر. والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل، فالوالدان يحملان أذى ولدهما وهو صغير راجين حياته، والرجل إن حمل أذى والديه في كبرهما رجا موتهما، وقد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما وخفض الجناح لهما ونهى عن عقهما فقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)

وعقوق الوالدين محرم وهو من أكبر الكبائر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ .... الإشراك بالله، وعقوق الوالدين..."

وعقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما. وعلى هذا إذا أمرا أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية، وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباح في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوب. وقد ذهب بعض الناس إلى أن أمرهما بالمباح يصيره في حق الولد مندوبا إليه، وأمرهما بالمندوب يزيده تأكيدا في ندبيته.. ولا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين، بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد.

وقوله تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا) خص حالة الكبر، لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر، فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلا عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه، فلذلك خص هذه الحالة بالذكر. وأيضا فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه، ويستطيل عليهما بدالة البنوة وقلة الديانة، وأقل المكروه ما يظهره بتنفسه المتردد من الضجر، وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب فقال: (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه" قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة"

فالسعيد الذي يبادر اغتنام الفرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك، والشقي من عقهما، لا سيما من بلغه الأمر ببرهما.

وقوله تعالى: (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ) أي: لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرم. وعن أبي رجاء العطاردي قال: الأف الكلام القذع الرديء الخفي، وقال مجاهد: معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخوخة الغائط والبول الذي رأياه منك في الصغر فلا تقذرهما وتقول أف. والآية أعم من هذا. ويقال لكل ما يضجر ويستثقل: أف له.

وقال بعضهم: معنى أف الاحتقار والاستقلال، أخذ من الأفف وهو القليل، ولو علم الله من العقوق شيئا أردأ من "أف" لذكره، قيل: وإنما صارت قولة (أف) للأبوين أردأ شيء، لأنه رفضهما رفض كفر النعمة، وجحد التربية ورد الوصية التي أوصاه في التنزيل. و(أف) كلمة مقولة لكل شيء مرفوض، ولذلك قال إبراهيم لقومه: (أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ) أي، رفض لكم ولهذه الأصنام معكم.

قوله تعالى: (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) النهر: الزجر والغلظة، (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) أي، لينا لطيفا، مثل: يا أبتاه ويا أماه، من غير أن يسميهما ويكنيهما.. (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) هذه استعارة في الشفقة والرحمة بهما والتذلل لهما تذلل الرعية للأمير والعبيد للسادة.. والذل: هو اللين، والذل في الدواب المنقاد السهل دون الصعب. فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة، في أقواله وسكناته ونظره، ولا يحد إليهما بصره فإن تلك هي نظرة الغاضب، (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا) أمر تعالى عباده بالترحم على آبائهم والدعاء لهم، وأن ترحمهما كما رحماك وترفق بهما كما رفقا بك، إذ ولياك صغيرا جاهلا محتاجا فآثراك على أنفسهما، وأسهرا ليلهما، وجاعا وأشبعاك، وتعريا وكسواك، فلا تجزيهما إلا أن يبلغا من الكبر الحد الذي كنت فيه من الصغر، فتلي منهما ما وليا منك، ويكون لهما حينئذ فضل التقدم. (كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) خص التربية بالذكر ليتذكر العبد شفقة الأبوين وتعبهما في التربية، فيزيده ذلك إشفاقا لهما وحنانا عليهما.

ومن العقوق أن يتعرض لسبهما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه". فإن كان التسبب إلى لعن الوالد من أكبر الكبائر فالتصريح بلعنه أشد... وقوله: (وكيف يلعن الرجل والديه) هو استبعاد من السائل، لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك، فبين في الجواب أنه وإن لم يتعاط السب بنفسه في الأغلب الأكثر لكن قد يقع منه التسبب فيه وهو مما يمكن وقوعه كثيرا.

ومن عقوق الوالدين إذا لم يتعين الجهاد أن يجاهد بغير إذنهما، فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم:

أجاهد؟ قال: "لك أبوان؟" قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد"

وقال عليه الصلاة والسلام:

"إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات"

، قيل: خص الأمهات بالذكر وإن كان عقوق الآباء عظيما، لأن عقوقهن أقبح أو إليهن أسرع من الآباء لضعف النساء، ولينبه على أن بر الأم مقدم على بر الأب في التلطف والحنو ونحو ذلك. فهو من تخصيص الشيء بالذكر إظهارا لعظم موقعه.

وقال صلى الله عليه وسلم:

"رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد"

، لأنه تعالى أمر أن يطاع الأب ويكرم، فمن امتثل أمر الله فأطاع والده وأكرمه فقد أطاع الله فرضي عنه، ومن خالف أمر الله فأغضب والده وأهانه فقد أغضب الله فغضب عليه، وهذا فيما ليس في معصية الخالق. وهذا وعيد شديد يفيد أن العقوق كبيرة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه.... وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه..."